ويقول ابن الصلاح (5) في مقدمته: - " للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه، لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة.
-إلى أن قال – ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحساناً للظن بهم، نظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله سبحانه أتاح الإجماع على ذلك، لكونهم نقلة الشريعة والله أعلم. (1) "
ويقول ابن كثير: - " والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل. (2) "
وقد تقرر أن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام بالكتاب والسنة، قال تعالى:- {وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات، آية 12].
قال ابن تيمية: - " وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتاباً. (3) "
وقال عز وجل: - {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران، آية 119].
صـ411
قال ابن تيمية: - " ومحبة الشيء كراهته لضده، فيكون الله يكره السب لهم الذي هو ضد الاستغفار، والبغض لهم الذي هو ضد الطهارة. (4) "
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - " من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. (5) "
فسب الصحابة كبيرة من كبائر الذنوب، لما ترتب عليه من الوعيد باللعنة (6)، واستحلال سبهم إنكار لما علم تحريمه من الدين بالضرورة، ومن ثم فهو خروج عن الملة. (7) "
ولذا يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب:-
" فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم والأحاديث المتواترة بمجموعها ناصة على كمالهم … فمن اعتقد حقية سبهم وإباحته، أو سبهم مع اعتقاد حقية سبهم، أو حليته فقد كفر بالله تعالى ورسوله فيما أخبر من فضائلهم …
- إلى أن قال – فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر، لتكذيبه ما ثبت قطعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكذبه كافر. (8) "
(ب) ومما يناقض الإيمان: - أن يسب جميع الصحابة، أو جمهورهم سباً يقدح في دينهم وعدالتهم، كأن يرميهم بالكفر، أو الفسق، أو الضلال، وبيان ذلك من خلال النقول الآتية:-
يقول القاضي عياض: - " وكذلك نقطع بتكفير كل قائل قولاً يتوصل به إلى
صـ412
تضليل الأمة وتكفير جميع الصحابة، كقول الكميلية (1) من الرافضة بتكفير جميع الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم … لأنهم أبطلوا الشريعة بأسرها إذ قد انقطع نقلها ونقل القرآن، إذ ناقلوه كفرة على زعمهم، وإلى هذا – والله أعلم – أشار مالك في أحد قوليه بقتل من كفر الصحابة. (2) "
ويقول ابن تيمية: - " وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب في كفره؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران، آية 110]، وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام. (3) "
ويقول السبكي: - " إن سب الجميع لا شك أنه كفر … وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول الطحاوي: وبغضهم كفر، فإن بغض الصحابة بجملتهم لا شك أنه كفر. (4) "
ويقول ابن كثير: - " ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك [أي كتمان الوصية لعلي بالخلافة …] فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطؤ على معاندة، رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضادته في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام، وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام … (5) "
صـ413
ويقول ابن حجر الهيتمي: - " إن تكفير جميع الصحابة كفر؛ لأنه صريح في إنكار جميع فروع الشريعة الضرورية فضلاً عن غيرها … (6) "
¥