[ذكر ابن أبي يعلى لعقيدة السلف في الصفات وعقيدة والده فيها وموافقته لمذهب السلف]
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[18 - 02 - 07, 11:43 م]ـ
السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قال ابن أبي يعلى في كتابه طبقات الحنابلة في حديثه عن ترجمة والده رحمه الله:
فلنذكر الآن البيان عن اعتقاد الوالد السعيد ومن قبله من السلف الحميد في أخبار الصفات.
فاعلم زادنا الله وإياك علماً ينفعنا الله به وجعلنا ممن آثر الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة على آراء المتكلمين وأهواء المتكلفين.
أن الذي درج عليه صالحو السلف وانتهجه بعدهم خيار الخلف: هو التمسك بكتاب الله عز وجل واتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم ما روى عن الصحابة رضوان الله عليهم ثم عن التابعين والخالفين لهم من علماء المسلمين.
والإيمان والتصديق بما وصف الله تعالى به نفسه أو وصفه به رسوله مع ترك البحث والتنفير والتسليم لذلك من غير تعطيل ولا تشبيه ولا تفسير ولا تأويل وهي الفرقة الناجية والجماعة العادلة والطائفة المنصورة إلى يوم القيامة فهم أصحاب الحديث والأثر والوالد السعيد تابعهم هم خلفاء الرسول وورثة علمه وسفرته بينه وبين أمته بهم يلحق التالي وإليهم يرجع العالي وهم الذين نبذهم أهل البدع والضلال وقائلو الزور والمحال: أنهم مشبهة جهال ونسبوهم إلى الحشو والطغام وأساءوا فيهم الكلام.
فاعتقد الوالد السعيد وسلفه قدس الله أرواحهم وجعل ذكرنا لهم بركة تعود علينا في جميع ما وصف الله تعالى به نفسه أو وصفه به رسول صلى الله عليه وسلم: أن جميع ذلك صفات الله عز وجل تمر كما جاءت من غير زيادة ولا نقصان وأقروا بالعجز عن إدراك معرفة حقيقة هذا الشأن.
اعتقد الوالد السعيد ومن قبله ممن سبقه من الأئمة: أن إثبات صفات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد لها حقيقة في علمه لم يطلع الباري سبحانه على كنه معرفتها أحداً من إنس ولا جان.
واعتقدوا: أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ويحتذى حذوه ومثاله وكما جاء.
وقد أجمع أهل القبلة: أن إثبات الباري سبحانه: إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وكيفية هكذا اعتقد الوالد السعيد ومن قبله ممن سلفه من الأئمة: أن إثبات الصفات للباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وكيفية وأنها صفات لا تشبه صفات البرية ولا تدرك حقيقة علمها بالفكر والروية.
والأصل الذي اعتمدوه في هذا الباب اتباع قوله تعالى: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون: آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب وقال تعالى: ولا يحيطون به علماً وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً.
فاعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى: فرد الذات متعدد الصفات لا شبيه له في ذاته ولا في صفاته ولا نظير ولا ثاني وسمعوا قوله عز وجل: آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب فآمنوا بما وصف الله به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً للقدرة وتصديقاً للرسل وإيماناً بالغيب.
واعتقدوا: أن صفات الباري سبحانه معلومة من حيث أعلم هو
غيب من حيث انفرد واستأثر كما أن الباري سبحانه معلوم من حيث هو
مجهول ما هو.
واعتقدوا: أن الباري سبحانه استأثر بعلم حقائق صفاته ومعانيها عن العالمين وفارق بها سائر الموصوفين فهم بها مؤمنون وبحقائقها موقنون وبمعرفة كيفيتها جاهلون لا يجوز عندهم ردها كرد الجهمية ولا حملها على التشبيه كما حملته المشبهة الذي أثبتوا الكيفية ولا تأولوها على اللغات والمجازات كما تأولتها الأشعرية.
فالحنبلية لا يقولون في أخبار الصفات بتعطيل المعطلين ولا بتشبيه المشبهين ولا تأويل المتأولين مذهبهم: حق بين باطلين وهدى بين ضلالتين: إثبات الأسماء والصفات مع نفي التشبيه والأدوات إذ لا مثل للخالق سبحانه مشبه ولا نظير له فيجنس منه فنقول كما سمعنا ونشهد بما علمنا من غير تشبيه ولا تجنيس على أنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وفي رد أخبار الصفات وتكذيب النقلة: إبطال شرائع الدين من قبل أن الناقلين إلينا علم الصلاة والزكاة والحج وسائر أحكام الشريعة: هم ناقلوا هذه الأخبار والعدل مقبول القول فيما قاله ولو تطرق إليهم والعياذ بالله التخرص بشيء منها: لأدى ذلك إلى إبطال جميع ما نقلوه وقد حفظ الله
¥