[هل وقع التحريف في التوراة والإنجيل في اللفظ أو المعنى أو في كليهما؟]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[24 - 02 - 07, 11:19 م]ـ
[هل وقع التحريف في التوراة والإنجيل في اللفظ أو المعنى أو في كليهما؟]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:
فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أربعة أقوال:
1 - أنه بدلت كلها
2 - أن التبديل وقع ولكن في معظمها
3 - أن التبديل وقع في اليسير منها ومعظمها باق على حاله ونصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية
4 - أن التبديل وقع في المعاني أي في شرح ألفاظها وليس في نفس اللفظ وقد نصره البخاري في صحيحه
قال ابن حجر رحمه الله عند قول البخاري في صحيحه: وليس أحد يزيل لفظ كتاب الله من كتب الله عز وجل ولكنهم يحرفونه: يتأولونه عن غير تأويله.
"اختلف في هذه المسألة على أقوال أحدها أنها بدلت كلها وهو مقتضى القول المحكي بجواز الامتهان , وهو إفراط وينبغي حمل إطلاق من أطلقه على الأكثر وإلا فهي مكابرة والآيات والأخبار كثيرة في أنه بقي منها أشياء كثيرة لم تبدل من ذلك قوله تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل} الآية , ومن ذلك قصة رجم اليهوديين؛ وفيه وجود آية الرجم , ويؤيده قوله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}
ثانيها: أن التبديل وقع ولكن في معظمها وأدلته كثيرة وينبغي حمل الأول عليه.
ثالثها: وقع في اليسير منها ومعظمها باق على حاله ونصره الشيخ تقي الدين بن تيمية في كتابه الرد الصحيح على من بدل دين المسيح.
رابعها: إنما وقع التبديل والتغيير في المعاني لا في الألفاظ وهو المذكور هنا وقد سئل بن تيمية عن هذه المسألة مجردا فأجاب في فتاويه ان للعلماء في ذلك قولين واحتج للثاني من أوجه كثيرة .... الفتح (13
533)
وهذا الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أشار إليه في كثير من موضع في كتبه
قال رحمه الله: ثم من هؤلاء من زعم أن كثيرا مما في التوراة أو الإنجيل باطل ليس من كلام الله , ومنهم من قال بل ذلك قليل , وقيل لم يحرف أحد شيئا من حروف الكتب وإنما حرفوا معانيها بالتأويل وهذان القولان قال كلا منهما كثير من المسلمين , والصحيح القول الثالث: وهو أن في الأرض نسخا صحيحة وبقيت إلى عهد النبي ونسخا كثيرة محرفة , ومن قال أنه لم يحرف شيء من النسخ فقد قال ما لا يمكنه نفيه , ومن قال جميع النسخ بعد النبي حرفت فقد قال ما يعلم أنه خطأ , والقرآن يأمرهم أن يحكموا بما أنزل الله في التوراة والإنجيل ويخبر أن فيهما حكمه , وليس في القرآن خبر أنهم غيروا جميع النسخ.
مجموع الفتاوى (13
104)
وقال أيضا رحمه الله: والقرآن والسنة المتواترة يدلان على أن التوراة والإنجيل الموجودين في زمن النبي فيهما ما أنزله الله عز وجل والجزم بتبديل ذلك في جميع النسخ التي في العالم متعذر ولا حاجة بنا إلى ذكره ولا علم لنا بذلك ولا يمكن أحدا من أهل الكتاب أن يدعي أن كل نسخة في العالم بجميع الألسنة من الكتب متفقة على لفظ واحد فإن هذا مما لا يمكن أحدا من البشر أن يعرفه باختباره وامتحانه وإنما يعلم مثل هذا بالوحي وإلا فلا يمكن أحدا من البشر أن يقابل كل نسخة موجودة في العالم بكل نسخة من جميع الألسنة بالكتب الأربعة والعشرين وقد رأيناها مختلفة في الألفاظ اختلافا بينا والتوراة هي أصح الكتب وأشهرها عند اليهود والنصارى ومع هذا فنسخة السامرة مخالفة لنسخة اليهود والنصارى حتى في نفس الكلمات العشر ذكر في نسخة السامرة منها من أمر استقبال الطور ما ليس في نسخة اليهود والنصارى وهذا مما يبين أن التبديل وقع في كثير من نسخ هذه الكتب فإن عند السامرة نسخا متعددة وكذلك رأينا في الزبور نسخا متعددة تخالف بعضها بعضا مخالفة كثيرة في كثير من الألفاظ والمعاني يقطع من رآها أن كثيرا منها كذب على زبور داود عليه السلام وأما الأناجيل فالاضطراب فيها أعظم منه في التوراة
فإن قيل فإذا كانت الكتب المتقدمة منسوخة فلماذا ذم أهل الكتاب على ترك الحكم بما أنزل الله منها قيل النسخ لم يقع إلا في قليل من الشرائع وإلا فالإخبار عن الله وعن اليوم الآخر وغير ذلك لا نسخ فيه
وكذلك الدين الجامع والشرائع الكلية لا نسخ فيها وهو سبحانه ذمهم على ترك اتباع الكتاب الأول لأن أهل الكتاب كفروا من وجهين من جهة تبديلهم الكتاب الأول وترك الإيمان والعمل ببعضه ومن جهة تكذيبهم بالكتاب الثاني وهو القرآن كما قال تعالى
وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين
فبين أنهم كفروا قبل مبعثه بما أنزل عليهم وقتلوا الأنبياء ...
الجواب الصحيح (2
449)