تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما المقصود بالتناهي في صفات الله عند المتكلمين؟]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[02 - 03 - 07, 05:14 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

أصل هذه الشبهة أوردها الرازي في كتابه أساس التقديس , وملخصها أنه لو أثبتنا أن الله فوق العرش لكان متناهيا –أي له حد ونهاية -, والله لا حد له ولا نهاية ليتوصل بذلك إلى نفي علو الله.

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " يقال لك إذا عقل موجود لا نهاية له؛ فهل التفسير يعقل موجود فوق العرش لا يوصف بالتناهي وعدمه أولى وأحرى بمعنى أنه يمتنع أن يكون له نهاية أو يكون ذا مساحة لا نهاية لها؛ فإنه إذا عقل هذا في موجود مطلق لم يمتنع وصف هذا الموجود بأنه فوق العرش ,ويكون كذلك بل يكون هذا أقرب إلى العقل لأن الفطر تقر بأن الله فوق العالم وتنكر وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه؛ فإذا أقررت بوجوده خارج العالم كان أقرب إلى الفطرة والعقل , وإذا جاز أن يقال في هذا إنه لا يتناهى بمعنى أن ذاته لا تقبل الوصف بتناهي المقدار وعدمه كذلك يقال فيه مع وجوده فوق العرش , وإذا قال قائل هذا الفوقية أو هذا العلو فوق العرش لا يعقل أو قال لا يعقل علو ولا فوقية إلا بمعنى الذهاب في الجهات قيل له معرفة الصفة وعقلها فرع على معرفة الموصوف وعقله فطلبك العلم بكيفية علوه مع أنك لا تعقل حقيقته جمع بين الضدين , وإذا كنت تقر بأنه موجود بل إقرارك بأن ذاته فوق العرش فوقية تناسب ذاته أسهل على العقل من الإقرار بأنه لا داخل العالم ولا خارجه بل الإقرار بأنه ليس ذا مساحة ومقدار لا ينافي الإقرار بأنه خارج العالم وفوقه كما يناسب ذاته ومنافاة الإقرار بوجوده مع كونه لا داخل العالم ولا خارجه أعظم تنافيا.

وأما المقام الثاني: فكلام من لا ينفي هذه الأمور التي يحتج بها عليه نفاة العلو على العرش ليس لها أصل في الكتاب والسنة بل قد يثبتها أو يثبت بعضها لفظا أو معنى أو لا يعترض لها بنفي ولا إثبات , وهذا المقام هو الذي يتكلم فيه سلف الأمة وأئمتها , وجماهير أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام والصوفية وغيرهم , وكلام هؤلاء أسد في العقل والدين حيث ائتموا بما في الكتاب والسنة , وأقروا بفطرة الله التي فطر عليها عباده فلم يغيروا وجعلوا كتب الله التي بعث بها رسله هي الأصل في الكلام , وأما الكلام المجمل المتشابه الذي يتكلم به النفاة ففصلوا مجمله ولم يوافقوهم على لفظ مجمل قد يتضمن نفي معنى حق , ولا وافقوهم أيضا على نفي المعاني التي دل عليها القرآن والعقل , وإن شنع النفاة على من يثبت ذلك أو زعموا أن ذلك يقدح في أدلتهم وأصولهم.

" بيان تلبيس الجهمية " (2

180) ودرء التعارض (3

257)

فأجاب ابن تيمية رحمه الله: إن الألفاظ التي لم ترد في الكتاب والسنة الأصل أن يستفصل عن معناها مع التوقف في اللفظ , ولفظ التناهي من هذا القبيل؛ فإن أريد بنفي التناهي نفي العلو رد اللفظ والمعنى , وإن أريد بالتناهي أن الله عال على خلقه مستو على العرش فهذا حق مع التوقف في اللفظ ,ولا يرد الحق بتسميتكم له المعاني الباطلة.

والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير