و خرج آل الحسين من دمشق محفوفين بأسباب الاحترام والتقدير حتى وصلوا إلى المدينة. قال ابن كثير في ذلك: وأكرم آل الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، و ردهم إلى المدينة في محامل وأهبة عظيمة .. البداية والنهاية (8/ 235).
الشبهة الرابعة: أن عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين قاموا بتجهيز الجيوش لحرب علي بن أبي طالب رضي الله عنه , أفلا ينم هذا عن بغض وكره لعلي رضي الله عنه؟ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ياعلي لايحبك إلا مؤمن ولايبغضك إلا منافق)
الرد على الشبهة: الرافضة يحتجون بهذا الحديث و كأن هذا الأمر هو فقط لا غير الذي يقرر إيمان المرء أو نفاقه، و يتجاهلون حتى أركان الإسلام و أركان الإيمان الأساسية كلها، و يتعلقون بهذا الحديث كما يتعلق الغريق بالقشة، و لذلك فإن عليهم أن يعلموا و يفهموا و يدركوا، أنه إذا كانوا يعتقدون بصحة هذا الحديث و يقرون بما فيه، فإن عليهم أيضا الإقرار، بأن الرسول عليه الصلاة و السلام لم يخص سيدي علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بهذا الأمر من دون باقي الصحابة رضوان الله عليهم، فقد قال عليه الصلاة و السلام:
و حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ح و حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ
يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَنْصَارِ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ
قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لِعَدِيٍّ سَمِعْتَهُ مِنْ الْبَرَاءِ قَالَ إِيَّايَ حَدَّثَ صحيح مسلم رقم 110
حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَنْصَارِ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَبْغَضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ فَأَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَأَبْغَضَهُ اللَّهُ فَقُلْتُ لَهُ أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ الْبَرَاءِ فَقَالَ إِيَّايَ حَدَّثَ
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ (سنن الترمذي 3835)
حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لِعَدِيٍّ أَنْتَ سَمِعْتَ مِنْ الْبَرَاءِ قَالَ إِيَّايَ يُحَدِّثُ (مسند أحمد رقم 17769)
و حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (صحيح مسلم رقم 112)
و كما فإن آخر حديثين أوردتهما لك من صحيح مسلم يقعان في الصحيح بعد الحديث الذي ذكر فيه سيدي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فإما أن يأخذ الرافضة بالكل، و إما أن لا يأخذوا بشيء منه.
ثانيا: هذه دعوى باطلة بينة البطلان لأنه لم يخرج طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم ومن معهم من مكة إلى العراق مقاتلين، ولا داعين أو طامعين لنزع الخلافة من علي رضي الله عنه، بل خرجوا إرادة الإصلاح وحسم الخلاف، وتجميع المسلمين بتوحيد كلمتهم، والانتقام من قتلة خليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه وإخراجهم من صفوف المسلمين في العراق، هذا ما ذكرته كتب التاريخ، وليس بغضا لعلي رضي الله عنه
¥