كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث و يستشيره في شأن أبناء الحسين و نسائه، فلما بلغ الخبر إلى يزيد بن معاوية بكى وقال: كنت أرضى من طاعتهم أي أهل العراق بدون قتل الحسين .. لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما و الله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. الطبري (5/ 393) بسند كل رجاله ثقات ماعدا مولى معاوية و هو مبهم. و البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 219، 220) بسند حسن.
و في رواية أنه قال: .. أما والله لو كنت صاحبه، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه لا ببعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه. الجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/ 265) بسند كل رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً بين الشعبي و المدائني.
فجاء رد يزيد على ابن زياد يأمره بإرسال الأسارى إليه؛ فبارد ذكوان أبو خالد فأعطاهم عشرة آلاف درهم فتجهزوا بها. الطبقات لابن سعد (5/ 393) بإسناد جمعي.
و من هنا يعلم أ ابن زياد لم يحمل آل الحسين بشكل مؤلم أو أنه حملهم مغللين كما ورد في بعض الروايات.
و كان رد يزيد رحمه الله على ابن زياد كان مخالفاً لما يطمع إليه ابن زياد، حيث كان يطمع بأن يقره يزيد على الكوفة، فلم يقره على عمله بل سبه و نال منه بسبب تصرفه مع الحسين، و هنا يكون الداعي أكبر لأن يحمل ابن زياد آل الحسين على صورة لائقة لعلها تخفف من حدة وغضب يزيد عليه.
و لذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة (4/ 559): و أما ما ذكر من سبي نسائه والذراري والدوران بهم في البلاد و حملهم على الجمال بغير أقتاب، فهذا كذب و باطل، ما سبى المسلمون ولله الحمد هاشمية قط، ولا استحلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم سبي بين هاشم قط، ولكن كان أهل الجهل والهوى يكذبون كثيراً.
و لما دخل أبناء الحسين على يزيد قالت: فاطمة بنت الحسين: يا يزيد أبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا؟ قال: بل حرائر كرام، أدخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلت، قالت فاطمة: فدخلت إليهن فما وجدت فيهن سفيانية إلا ملتزمة تبكي. الطبري (5/ 464) من طريق عوانة.
وأرسل يزيد إلى كل امرأة من الهاشميات يسأل عن كل ما أخذ لهن كل امرأة تدعي شيئاً بالغاً ما بلغ إلا أضعفه لهن في العطية. و كان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعى علي بن الحسين. و بعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه ذوي السن من موالي بني هاشم ومن موالي نبي علي. - و لعل يزيد أراد باستقدامه لهؤلاء الموالي إظهار مكانة الحسين و ذويه و يكون لهم موكب عزيز عند دخول المدينة -. وبعد أن وصل الموالي أمر يزيد بنساء الحسين وبناته أن يتجهزن وأعطاهن كل ما طلبن حتى أنه لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر بها. و قبل أن يغادروا قال يزيد لعي بن الحسين إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت. ابن سعد في الطبقات (5/ 397) بإسناد جمعي.
قال شيخ الإسلام في المنهاج (4/ 559): وأكرم أبناء الحسين و خيرهم بين المقام عنده و الذهاب إلى المدينة فاختاروا الرجوع إلى المدينة.
و عند مغادرتهم دمشق كرر يزيد الاعتذار من علي بن الحسين وقال: لعن الله ابن مرجانة، أما و الله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبداً إلا أعطيتها إياه ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني بكل حاجة تكون لك. الطري (5/ 462).
وأمر يزيد بأن يرافق ذرية الحسين وفد من موالي بني سفيان، وأمر المصاحبين لهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا و متى شاءوا، وبعث معهم محرز بن حريث الكلبي و كان من أفاضل أهل الشام. ابن سعد في الطبقات (5/ 397) بإسناد جمعي.
و خرج آل الحسين من دمشق محفوفين بأسباب الاحترام والتقدير حتى وصلوا إلى المدينة. قال ابن كثير في ذلك: وأكرم آل الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، و ردهم إلى المدينة في محامل وأهبة عظيمة .. البداية والنهاية (8/ 235).
الشبهة السادسة:
إن كان يزيد غير راضٍ على فعل عبيد الله بن زياد .. فنريد نصا موثقا عن عقوبة قام بها يزيد تجاه عبيد الله .... هل عاقبه؟؟ هل عزله؟؟
الرد على الشبهة / نعم كان يزيدا مخطئا في ذلك خطأ كبيرا ...
حتى أن يزيد بن معاوية انتقد على عدم اتخاذ موقف واضح من ابن زياد أو من الذين شرعوا في قتل الحسين رضي الله عنه.
¥