تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

?للَّهَ لاَ يَهْدِى ?لْقَوْمَ ?لظَّـ?لِمِينَ [القصص:50].

إنّ محمدًا نعمة من الله أنعَم بها علينا، وفضلٌ تفضَّل به علينا، فهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة، لَقَدْ مَنَّ ?للَّهُ عَلَى ?لْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءايَـ?تِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ ?لْكِتَـ?بَ وَ?لْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـ?لٍ مُّبِينٍ [آل عمران:164]. زكَّى نفوسَ المؤمنين، وطهّر قلوبَهم، فهو رحمةٌ للعالمين وحجّةٌ على الخلائق أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.

أخبرنا أنَّ الله ما بعث من نبيّ إلا كان حقًا عليه أن يُدلَّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شرّ ما يعلمه لهم [7]، وحقًّا إنّ محمّدًا دلَّنا على كلّ سبيل يقرِّبنا إلى الله، بيَّنه لنا، وأمرنا بسلوكه، وحذّرنا من كلّ طريق يُبعدنا عن الله، وبيَّنه لنا، ونهانا عن ذلك. إنّه بلّغ رسالات ربّه كما أمره الله: يَـ?أَيُّهَا ?لرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ [المائدة:67]، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما: من حدّثكم أنّ رسول الله كتَم شيئًا ممّا أنزل الله فقد افترى على الله الكذب [8]، وقد زكَّاه الله بقوله: ?لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ?لإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة:3]، فلا خيرَ من أمر الدّنيا والآخرة إلا بيّنه لنا بيانًا واضحًا، ولا شرَّ إلا حذّرنا منه، فصلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.

فالموفَّق من عرض أقواله وأعمالَه على سنّة محمّد، فما وافقها عمِل به، وما خالفها كان بعيدًا عنه. هكذا الإيمان الصادق والشهادة الصادقة بأنّ محمّدا عبد الله ورسوله. هكذا الإيمان الصادق الاتباعُ والاقتداء وعدم الابتداع وعدمُ الخروج عن منهجه القويم، صلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين

أيّها المسلم، شهادتُك أنّ محمدًا رسول الله تُلزمك التصديقَ بكلّ ما قاله النبيّ وكلِّ ما أخبر عن الله وبلّغك من كتاب الله، فلقد قال الله لنا فيما أنزله على عبده ورسوله محمّد: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ?لرُّسُلُ أَفإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ?نقَلَبْتُمْ عَلَى? أَعْقَـ?بِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى? عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ?للَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى ?للَّهُ ?لشَّـ?كِرِينَ [آل عمران:144]. فمحمد أتاه ما أتى سائرَ البشر من الموت الذي سنّه الله على العباد أجمعين، تقول عائشة رضي الله عنها: مات رسول الله بين سَحْري ونحري [1]، وتقول رضي الله عنها: كان يرفع أصبعه في آخر حياته ويقول: ((اللهم في الرفيق الأعلى)) ثلاثًا [2]، قال الله له: إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ?لْقِيَـ?مَةِ عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:30، 31]. مات محمد وقد أدَّى الرسالة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حقَّ الجهاد. مات رسول الله وقد أكمل الله به الدين، وأتمَّ به النعمة، ومات وقد تركنا على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعده إلا هالك.

أيّها المسلم، إنّ من تعظيمك لرسول الله أن تنظرَ في كلِّ أمرٍ تريد الإقدامَ فيه أو الإحجام عنه، أن تعرضَه على سنّة محمّد، فما رأيتَه موافقًا لسنّته فاعلم أنّه حقّ مقبول، وما رأيتَه مخالفًا لسنّته فاعلم أنّه الباطل المردود، فإنّ الحقّ فيما شرعه.

أخي المسلم، إنّ هناك حديثين هما ميزان الأعمال الظاهرة والباطنة، يقول: ((إنّما الأعمال بالنيات، وإنّما لكلّ امرئ ما نوى)) [3]، هذا ميزان للأعمال الباطنة، فلا يقبل الله عملَ عاملٍ إلا أن يكون مخلِصًا في عمله، وهناك الميزان الظاهر للأعمال، يقول: ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ)) [4]، وفي بعض الألفاظ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ)) [5].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير