وبهذا تبين ائتلاف النصوص واتفاقها وتلاؤمها، وأنها ـ ولله الحمد ـ كلها حق، وجاءت بالحق، لكنها تحتاج في بعض الأحيان إلى تأمل وتفكير بقصد حسن، وأداة تامة، بحيث يكون عند العبد صدق نية بطلب الحق، واستعداد تام لقبوله، وعلم بمدلولات الألفاظ، ومصادر الشرع وموارده، قال الله تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً" [النساء:82].
فحث على تدبر القرآن الكريم، وأشار إلى أنه بتدبره يزول عن العبد ما يجد في قلبه من الشبهات، حتى يتبين له أن القرآن حق يصدق بعضه بعضاً. والله المستعان. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/ 146 ـ 153).
قلت: الحديث الذي طلب الشيخ التحقق من صحته: "إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن"، لا يصح، ولا تقوم به حجة؛ فانظر غير مأمور "السلسلة الضعيفة" (1024) و (4399).
وقال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: "ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين؛ لقوله ـ تعالى ـ: "وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا" [هود:37]. وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان؛ ويؤيده قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدجال: "إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور". "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (3/ 234 ـ 235).
وقال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: "مذهب أهل السنة والجماعة أن لله عينين اثنتين، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به. وهما من الصفات الذاتية الثابتة بالكتاب، والسنة.
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر:14]. ومن أدلة السنة قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إن ربكم ليس بأعور "، " ينظر إليكم أزلين قنطين"، "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". فهما عينان حقيقيتان لا تشبهان أعين المخلوقين. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/ 58).
وقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ: "المنقول في كتب التوحيد، وكتب العقائد أن له عينين، وبعض العلماء القدامى يستدلون بحديث الدجال: "أنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت". ليس عندنا نص صريح بأن له أكثر من عينين، والمتوارث عن عقيدة السلف هو إثبات العينين على ظاهر حديث الدجال على كثرة طرقه، فالذي يتبادر من هذا الحديث، ولا يخطر في البال سواه أن الدجال إحدى عينيه طافية, وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور؛ معنى ذلك: أن الله موصوف بالعينين، وليس بالثلاثة أو أكثر؛ لأنه ما عندنا نص بالأكثر، وكما نقول دائماً وأبداً: الأمور الغيبية ـ وبخاصة ـ ما يتعلق بغيب الغيوب؛ وهو رب العالمين ـ تبارك وتعالى ـ لا ينبغي أن نصفه بالأقيسة والعمومات وما شابه ذلك؛ وإنما بالشيء الذي جاءنا عن سلفنا الصالح، وجاءت به الأحاديث. "سلسلة الهدى والنور" شريط رقم (183).
قلت: ومن يَنقل عن الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ خلاف هذه العقيدة السلفية إما مخطئ أو كاذب؛ فقد قال له قائل كما في شريط رقم (189) من "سلسلة الهدى والنور": "بلغنا أنك تقول أن لله عيناً واحدة".
فقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ بعد أن كان قد فصل عقيدة السلف في إثبات العينين الاثنتين لله ـ سبحانه ـ: "ظهرت الكذبة، لا، هذا كذب".
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[04 - 04 - 07, 03:04 م]ـ
جزاك الله خيرا وهنا أنبه عما ورد عن بعض السلف من ذكر معنى الآية {تجري بأعيننا} أي بحفظنا ورعايتنا فهو تفسير باللازم مع إثبات الأصل.
فالعرب لا تطلب الحفظ والرعاية على شيء إلا ممن يبصر ويرى.والله أعلم
ـ[أبو رُزين]ــــــــ[01 - 05 - 07, 02:41 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو تامر المصري]ــــــــ[02 - 05 - 07, 01:52 ص]ـ
الأخ الفاضل/محمد جميل
كلامي ليس بالضرورة يعني المخالفة،
¥