وإذا ثبت لله عز وجل صفة في الكتاب أو في السنة فلا نحتاج بعد ذلك أن يستعملها الصحابة والتابعون في دعائهم، ونحن نقول: إن حديث (إن الله ليس بأعور) واضح الدلالة في هذه الصفة، وهذا ما فهمه أهل العلم الذين وقفنا على أقوالهم.
فإما أن يكون هؤلاء أصابوا وإما أن يكونوا أخطئوا، فإن كانوا أصابوا فالحمد لله، وإن كانوا أخطئوا فيمتنع في العادات أن ينتشر قولهم ويعرف عند المؤالف والمخالف ويسير مسار الشمس بين أهل العلم بل يحكون عليه الإجماع، أقول: يمتنع أن يحصل كل هذا ولا يوجد في الأمة كلها رجل واحد يعرف الحق يقول لهم: يا جماعة الخير أنتم افتريتم على الله عز وجل، ووصفتموه بما لم يصف به نفسه، وأتيتم بأشياء من كيسكم، وتزيّدتم على نصوص كتاب ربكم وسنة نبيكم.
هذه أمور كلها ممتنعة في العادة، وامتناعها أوضح بكثير مما ألزمتنا به من نقل الدعاء بلفظ التثنية عن الصحابة والتابعين، فإذا كنت ترى امتناع ثبوت الصفة مع عدم ورود ذلك عنهم، فامتناع اشتهار القول بذلك مع عدم إنكار أحد أعظم وأوضح في العقل.
وأنت نازعت في دلالة حديث (إن الله ليس بأعور) وقلتَ: إنه ليس نصا في المسألة، وأنا تنزلتُ معك وقلت: افترض أنه ليس نصا، فهو ظاهر، ودلالته على قولنا أوضح من دلالته على قولك، وأنت لا تنازع في ذلك، ولكنك تنازع في أنه ليس قاطعا في الدلالة على المراد.
ونحن نقول: سلمنا أنه ليس قاطعا، ولكنه ظاهر، فما المانع من القول به إذا كان ظاهرا ولم يوجد له معارض من النصوص، ولا مخالف من أهل العلم؟!
وقد ذكرتُ لك أيضا من قبل قسمة عقلية حاصرة في مسألة صفة العين ولم تجب عنها:
فإما أن تثبت عينا واحدة
وإما أن تثبت عينين
وإما أن تثبت عيونا كثيرة
وهذه قسمة عقلية حاصرة لا محيد عنها، والأقسام كلها باطلة عدا الثاني، فلزم القول به ببرهان واضح.
وأستغفر الله مما طغى به القلم، وأعتذر إليك إن بدر مني شيء.
والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[03 - 08 - 07, 04:16 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبا مالك .... ووفقك الله وأعانك ..
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[03 - 08 - 07, 06:29 ص]ـ
فتح اللهُ عليك يا أبا مالك ... وزادك الله من فضله ... ووفقنا الله وأخانا الفاضل أبا حمزة لما فيه الخير والصلاح ... اللهم وجميع المسلمين ... آمين.
المسألة واضحة جداً ... يبقى الدعاء منا: (اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه).
فهذا الدعاء -والله- مفتاح من مفاتيح العلوم.
وفق الله الجميع ... وجمع الشمل على الخير والتقوى.
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[05 - 08 - 07, 02:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
حياك الله أخي الفاضل و أجيب على سؤالاتك مختصرا قدر الامكان كي لا يتشتت موضوع النقاش:
\\ = إذا افترضنا أن الإجماع لم يتحقق، فهل يلزم من ذلك صحة كلامك؟ \\
نعم يلزم من ذلك الرجوع إلى الأصل وهو الاجمال في الصفة حتى يأتي التفصيل وهو الأصل الذي تركه من قال بصفة العينين دون دليل صريح ننتقل به من يقين إلى يقين جديد و لا ينبغي لنا ترك اليقين إلى أمر " غير منضبط تأصيلا " و لا " عقلا " خصوصا في العقيدة.
فلا نقل الاجماع عن الصدر الأول يساعد على القول بأنهم تركوا الأصل في اجمال الصفة الى القول بالعينين ولا الأدلة " حديث إن ربكم ليس بأعور " ترتقي إلى درجة القطع بصحة الاستنباط فحتى لو قيل بأن العور لا يطلق الا على من فقد عينا من عينين - مع أني أثبت في الرد بالنقل عن أهل اللغة غير ذلك في الرد 19 - فمن أين لك بأن نفي ذلك اثبات له في صفة الله؟ فلا يخفى على عامة طلبة العلم ما ورد من خلاف في " مفهوم المخالفة " في فروع الشريعة فكيف بأسماء الله و صفاته؟ لهذا أكرر بأن المعتمد على نقل الاجماع و الا فالحديث دلالته ضعيفة و كل من قال به ردد ما قاله من كان قبله و الا فالأولى في تفسير الحديث أن يقال بأن النبي صلى الله عليه و سلم أراد بذلك أن يذكر الصحابة بكمال صفة الله و أنه لا تشوبه شائبة و الدجال مشوب بالعور فكيف يكون لكم ربا ً؟ وهذا تفسير ظاهر واضح جلي وهكذا فسر الشافعي الحديث كما نقلت في ردي 13 حيث قال " و أن الله ليس باعور لقول رسول الله إن الدجال أعور و إن ربكم ليس بأعور " فأخذ منه نفي النقص ولم يأخذ منه تثنية صفة العين يؤيد هذا
¥