تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحاولنا أن تكون هذه النصوص من الكتب المختلفة والمتفاوتة زمنا ومنهجا كي يكون الموضوع شاملا وكاملا , وافيا شافيا قدر الإستطاعة , وعلة لم يجتمع هذا العدد من النصوص في مختصر آخر مثل مختصرنا هذا.

فالحمد لله الذي بتوفيقه ومدده وتأييده تتم الأعمال وهو ولي الهداية والرشاد.

ويجدر بنا أن نذكر ههنا أن الكتاب الثاني سيشمل على عقائد وتعاليم صوفية كما يشمل هذا الكتاب على أصلها ومنشأها ومصادرها و وليس معنى هذا أن هذا الكتاب خال عن معتقداتهم , بل ان أعظم قسط منه يشمل على العقائد والمعتقدات وإننا لم نبحث عن مصادر التصوف ومآخذه تاريخيا وسردنا لذلك شهادات وتوثيقات , بل أوردنا فيما أوردنا عقائد القوم , الخاصة بهم , وتعاليمهم التي إمتازوا بها عن غيرهم , ثم ذكرنا عمن أخذوا هذه المعتقدات , وأقتبسوا هذه التعاليم , واحدة بعد واحدة على أنها شهادات داخلية , فعلى ذلك هذا الكتاب مع عنوانه (المنشأ والمصادر) لم يبحث في الحقيقة والأصل إلا العقائد والمعتقدات , بهذا لا يكون هذا الكتاب موضوعيا صرف , بل يؤدي رسالته لبيان حقيقة هذه العصابة من الناس وكنهها ولإرجاع الأمور إلى نصابها , ووضع الأشياء في محلها ومقاديرها , وذلك هو العدل.

والنقطة الأخرى التي أشرنا إليها قبل قليل , ونريد أن نركز عليها هي أننا ما بنينا حكمنا , ولا وضعنا احتجاجنا واستدلالنا إلا على المتصوفة المشهورين المعروفين , والموثوق بهم المعتدلين لدى الجميع , وذلك أيضا استشهادا , لا استدلالا , كما يلاحظ الباحث أننا لم نورد في كل هذا القسم من الحلاج , ولا من طائفته وجماعته رواية واحدة , لا استدلالا ولا استشهادا , كي لا يتهمنا متهم أننا اخترنا الغلاة ورواياتهم للحكم على التصوف , لأنه في رأينا كما قلنا آنفا لا إعتدال في التصوف ولدى المتصوفة , اللهم إلا الزهاد الأوائل فإنهم ليسوا منهم , ولا هؤلاء من أولئك.

فإن التصوف امر زائد وطارئ على الزهد , وله كيانه وهيئته , ونظامه وأصوله , قواعده وأسسه , كتبه ومؤلفاته ورسائله ومصنفاته , كما أن له رجالا وسدنة وزعماء وأعيانا.

فإن الزهد عبارة من ترجيح الآخرة على الدنيا , والتصوف اسم لترك الدنيا تماما.

والزهد هو تجنب الحرام , والاقتصاد في الحلال , والتمتع بنعم الله بالكفاف , وإشراك الآخرين في آلاء الله ونعمه وخدمة الأهل والأخوان والخلان.

والتصوف تحريم الحلال , وترك الطيبات , والتهرب من الزواج ومعاشرة الأهل والإخوان , وتعذيب النفس بالتجوع والتعري والسهر.

فالزهد منهج وسلوك مبني على الكتاب و السنة , وليس التصوف كذلك , لذلك إحتيج لبيانه إلى (التعرف لمذهب أهل التصوف) و (قواعد التصوف) و (الرسالة القشيرية) و (اللمع) و (قوت القلوب) و (قواعد التصوف) و (عوارف المعارف) وغيرها من الكتب , وسيأتي تفصيل ذلك في الكتاب القادم إن شاء الله.

فعندما نكتب نكتب عن هذا المذهب أي مذهب التصوف لا عن الزهد , لأن الزهد كما ورد في حديث الترمذي (ليس الزهد بتحريم الحلال , ولا إضاعة المال ولكن الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق بما في يدك , وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك) لأن الله تعالى يقول: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.

وهذا الأمر أي عدم وجود الاعتدال في التصوف ينطبق على التشيع , وهذا هو القدر الآخر المشترك بينهما لأننا في بحثنا الطويل في التشيع لم نجد طائفة يمكن أن توصف بالاعتدال , فالغلو والتطرف من لوازم مذهب التشيع كما قاله الرجالي الشيعي المشهور , المامقاني في تنقيحه , فكذلك التصوف لا يعرف إلا الغلو والتطرف.

فالله أسأل أن يجعلنا أمة وسطا حقا ومن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه , يتمسكون بكتاب ربهم وسنة نبيهم , ويعضون عليها بالنواجذ , ويدافعون عن حرمات الله وحرمات رسوله , وأعراض أصحاب محمد وأهل بيته , ويذبون عن المسلك القويم المستقيم ومنهج السلف الصالحين , ويردون كيد الضالين المنحرفين , ومكر المبطلين المنتحلين , لا يهابون جموعهم المتكاثرة , وأحزابهم المتكالبة , وفرقهم المعاضد بعضها بعضا , ويقولون للغاضبين الناقمين الحاسدين ما قاله أصفياء الله وأخياره {قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ 195

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير