إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ 196} وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إحسان إلهي ظهير
ابتسام كاتيج – شادمان – لا هور
فبراير 1986 الموافق
جمادى الآخرة 1406هـ
الباب الأول
التّصَوّفُ نشأته , تَاِريخُه وَتَطَوّرَاته
الفصل الأول
إن الإسلام دين البساطة ودين الفطرة التي فطر الناس عليها , أنزله الله على قلب سيد الخلق لهداية البشر.
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ 33}.
وأمر سبحانه جل وعلا أن يتمسك به , ويقدمه إلى الناس ليعرفوه ويتمسكوا به بدورهم.
وأنه عبارة عن الإقرار بوحدانية الله عز وجل لا شريك له , والشهادة بأن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه , وإقامة الصلوات الخمس , وإيتاء الزكاة بعد مرور عام على ملاك النصاب , وكذلك صوم شهر رمضان من اثني عشر شهرا , وحج البيت إن إستطاع إليه سبيلا , كما ورد في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام أنه جاء يوما من الأيام يسأل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام , فقال:
(الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت إن إستطعت إليه سبيلا).
أو كما ورد في حديث أعرابي جاء صلوات الله وسلامه عليه فقال له: (دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة).
قال: (تعبد الله ولا تشرك به شيئا , وتقيم الصلاة المكتوبة , وتؤتي الزكاة المفروضة , وتصوم رمضان) , قال: (والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه) , فلما ولّى , قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا).
أو بتعبير آخر أن الإسلام يعبّر عن التمسك بأوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم , واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم ,وقضاء حياة مثل ما قضاها رسول الله , واختيار الطرق والسنن التي اختارها أصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه كما أمر به الرب تبارك وتعالى في كلامه المحكم:
{َأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 132}
و {أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ 20}
و {َمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 13}
و {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ 63}
و {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}
{وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا 71}
و {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا 21}
و {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 15}.
وأوامر الله ورسوله , وكذلك نواهي الله ونواهي رسوله موجودة محفوظة في الكتاب والسنة , والكتاب المنزل على سيد البشر وخاتم الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليه , المعبر عنه بالذكر الحكيم والفرقان الحميد والقرآن المجيد , الذي جعله الله شفاء وهدى ورحمة للمؤمنين , وسنة رسول الله المعبر عنها بالحكمة في قوله جل وعلا: {ويعلمكم الكتاب والحكمة} وبالحديث النبوي الشريف , ما ثبت عنه وصح من أقواله وأفعاله وتقريراته , الكتاب والسنة اللذين ذكرهما الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله حيث حرّض أمته , وحثهم على التمسك والتشبث بهما قائلا: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله).
¥