والتمر.
أخبرنا الشيخ أبو الفتوح محمد بن عبد الباقي في كتابه , قال: أخبرنا الشيخ أبو بكر بن زكريا الطريثيثي قال أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي , قال حدثنا محمد بن محمد ابن سعيد الأنماطي , قال حدثنا الحسن بن يحى بن سلام , قال حدثنا محمد ابن علي الترمذي , قال حدثني سعيد بن حاتم البلخي , قال حدثنا سهل بن أسلم عن خلاد بن محمد عن أبي عبد الرحمن السكري عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على أهل الصفة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم فقال (أبشروا يا أصحاب الصفة فمن بقي منكم على النعت الذي أنتم عليه اليوم راضيا بما هو فيه فإنه من رفقائي يوم القيامة).
وقيل: كان منهم طائفة بخراسان يأوون إلى الكهوف والمغارات ولا يسكنون القرى والمدى , ويسمونهم في خراسان شكفتية , (لأن شكفت) اسم الغار , ينسبونهم إلى المأوى والمستقر وأهل الشام يسمونهم جوعية , والله تعالى ذكر في القرآن طوائف الخير والصلاح فسمى قوما أبرارا وآخرين مقربين , ومنهم الصابرون والصادقون , والذاكرون , والمحبون , واسم الصوفي مشتمل على جميع المتفرق في هذه الأسماء المذكورة , وهذا الاسم لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقيل كان في زمن التابعين.
ونقل عن الحسن البصري رحمة الل عليه أنه قال: رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال معي أربع دوانيق يكفيني ما معي ويشيد هذا ما روى عن سفيان أنه قال لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء. وهذا يدل على أن هذا الاسم كان يعرف قديما وقيل لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة العربية).
فهل هناك تعارض وتناقض أكثر من ذلك؟.
ورجح الرأي الأخير أبو المفاخر يحيى الباخرزي.
ونجم الدين كبرى رجح كون كلمة التصوف مشتقة من الصوف , وأضاف (بأن أول من لبس الصوف آدم وحواء , لأنهما أول ما نزلا في الدنيا كانا عريانين , فنزل جبريل بالخروف فأخذا منه الصوف , فغزلت حواء ونسجه آدم ولبساه , وكذلك موسى عليه السلام لبس الصوف , وأن يحيى وزكريا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أيضا كانوا يلبسون الصوف.
ونسبة الصوفي إلى الصوف , وإذا ألبس الصوف طلب من نفسه حقه , لأن الصوف مركب من الأحرف الثلاثة: الصاد , والواو , والفاء , فيطلب من الصاد العبر والصلابة والصدق والصلاة , ويطلب من الواو الوفاء والوجد , وبالفاء الفرج والفرح).
ومن الطرائف أن نجم الدين كبرى هذا زاد على الآخرين حيث بين ألوان الصوف الذي يلبسه الصوفية على اختلاف أوصافهم وأحوالهم فقال:
(إن الذي قهر نفسه وقتلها بسيف المجاهدة والمكابدة , وجلس في مآتم النفس , عليه أن يلبس الصوف الأسود , وإن كان تائبا عن المخالفات وغسل ملبوس عمره بصابون الإنابة والرياضة. ونقى صحيفة قلبه عن ذكر الغير فعليه الصوف الأبيض , وإن كان من الذين اجتازوا العالم السفلي , ووصل العالم العلوي بهمته فعليه أن يلبس الصوف الأزرق , لأنه لون السماء).
ويترشح أيضا من كلام أبي طالب المكي في قوته بأنه أيضا من الذين يرحجون اشتقاقه من الصوف , حيث يورد رواية مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(البسوا الصوف , وشمروا , وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماء).
ولكن القشيري أبا القاسم عبد الكريم رد على هذا الرأي وذاك , حيث قال في رسالته:
(فأما قول من قال: إنه من الصوف , ولهذا يقال: تصوّف إذا لبس الصوف كما يقال: تقمص إذا لبس القميص , فذلك وجه. ولكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف.
ومن قال: أنهم منسوبون إلى صفة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فالنسبة إلى الصفة لا تجيء على نحو الصوفي.
ومن قال: أنه مشتق من الصفاء , فاشتقاق الصوفي من الصفاء بعيد في مقتضى اللغة.
ومن قال: أنه مشتق من الصف , فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم فالمعنى صحيح , ولكن اللغة لا تقتضي هذه النسبة إلى الصف).
وأما الصوفي الفارسي عبد الرحمن الجامي المتوفى 898 هـ فلقد ذكر في نفحاته أنه مأخوذ من الأستصفاء , مستدلا بكلام الصوفي المشهور عبد الله بن خفيف أنه قال: الصوفي من استصفاه الحق لنفسه توددا).
¥