تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(هذا معناه أن الصوفية يوصدون الباب حتى أمام من يسألهم عن معنى اسمهم .. وهذا دليل على أمر من أمور ثلاثة , وأما أن التصوف سر , وأما أنه أمر خلافي بحت , وأما أنه متعدد الجوانب كالفن الغني , وسوف نترك للقارئ أن يجد الجواب بنفسه).

الفصل الثالث

تعْرِيفُ التصَوّفِ

ولا يقل اختلاف الصوفية في اختلاف تعريف التصوف عن اختلافهم في أصله واشتقاقه , بل ازدادوا تعارضا وتناقضا فيه كثيرا , ولقد ذكر صوفي فارسي قطب الدين أبو المظفر منصور بن أردشير السنجي المروزي المتوفى سنة 491 هـ أكثر من عشرين تعريفا.

وكذلك السراج الطوسي.

والكلاباذي.

والسهروردي.

وابن عجيبة الحسني.

وأما القشيري فلقد ذكر في رسالته أكثر من خمسين تعريفا من الصوفية المتقدمين. كما ذكر المستشرق نيكلسون ثمانية وسبعين تعريفا.

وليس معنى ذلك أن هذا العدد هو الأخير في تعريف التصوف , بل ذكر السراج في لمعة أن تعريفاته تتجاوز مائة تعريف.

وقال السهر وردي: (وأقوال المشائخ في ماهية التصوف تزيد على ألف قول).

وقال الحامدي: (الأقوال المأثورة في التصوف قيل: أنها زهاء ألفين).

ونختار من هذه التعريفات الكثيرة بعضها نموذجا للقراء والباحثين , فينقل السراج الطوسي أن الجنيد سئل عن التصوف , فقال: (أن تكون مع الله تعالى بلا علاقه).

وقال سمنون في جواب سائل سأله: أن لا تملك شيئا ولا يمكلك شيء.

وقيل لأبي الحسين أحمد بن محمد النوري: من الصوفي؟ , فقال: من سمع السماع وآثر بالأسباب.

وينقل القشيري عن الجنيد أنه قال: (التصوف عقدة لا صلح فيها).

وأيضا: هم أهل بيت واحد لا يدخل فيه غيرهم.

وعن أبي حمزة البغدادي أنه قال: علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى , ويذل بعد العز , ويخفى بعد الشهرة.

وعن الشبلي أنه قال: التصوف برقة محرقة.

وعنه أنه قال: التصوف هو العصمة عن رؤية الكون.

ونقل منصور بن أردشير عن الحسين بن منصور أنه قال في جواب من سأله عن الصوفي: هو وحداني الذات لا يقبله أحد , ولا يقبل أحدا).

ونقل محمد بن إبراهيم النفزي الرندي عن أحد الصوفية: (أن الصوفي من كان دمه هدرا , وملكه مباحا). وذكر السلمي عن أبي محمد المرتعش النيسابوري أنه سئل عن التصوف , فقال الاشكال والتلبيس والكتمان.

وذكر عن أبي الحسين النوري أنه قال: (التصوف ترك كل حظ النفس).

ونقل الكلاباذي وعبد السلام الأسمر الفيتوري عن الجنيد أنه سئل عن التصوف , فقال: تصفية القلب من موافقة البرية , ومفارقة الأخلاق الطبيعية , وإخماد الصفات البشرية , ومجانبة الدواعي النفسانية , ومنازلة الصفات الروحانية , والتعلق بالعلوم الحقيقية.

وذكر عن سهل بن عبد الله التستري أنه سأله رجل: من أصحب من طوائف الناس؟.

فقال: عليك بالصوفية , فإنهم لا يستكثرون , ولا يستنكرون شيئا , ولكل فعل عندهم تأويل , فهم يعذرونك على كل حال.

وعن يوسف بن الحسين أنه قال:

سألت ذا النون: من أصحب؟ فقال: من لا يملك , ولا ينكر عليك حالا من أحوالك , ولا يتغير بتغيرك وإن كان عظيما , فانك أحوج ما تكون إليه أشد ما كنت تغيرا).

وذكر الهجويري أن الصوفي هو الفاني عن نفسه , والباقي بالحق قد تحرر من قبضة الطبائع , واتصل بحقيقة الحقائق.

ونقل عن الجنيد أنه قال: التصوف نعت أقيم العبد فيه , قيل: نعت للعبد أو نعت للحق؟.

فقال نعت الحق حقيقة , ونعت العبد رسما.

وعن الشبلي أنه قال: التصوف شرك لأنه صيانة القلب عن الغير , ولا غير).

وذكر عبد الرحمن الجامي أن الصوفي هو الخارج عن النعوت والرسوم. ونقل عن أبي العباس النهاوندي أنه قال: التصوف بدايته الفقر).

وذكر العطار عن أبي الحسن الخرقاني أنه قال: (أن التصوف عبارة عن الجسم الميت والقلب المعدوم والروح المحرقة.

وأنه قال: إن الخلق كله مخلوق , والصوفي غير مخلوق , لأنه معدوم و, أو أن الصوفي من عالم الأمر , لا من عالم الخلق).

ونقل العطار أيضا عن الجنيد أنه قال:

(الصوفي هو الذي سلم قلبه كقلب إبراهيم من حب الدنيا , وصار بمنزلة الحامل لأوامر الله , وتسليمه تسليم إسماعيل , وحزنه حزن داوود , وفقره فقر عيسى , وصبره صبر أيوب , وشوقه شوق موسى وقت المناجاه , وإخلاصه إخلاص محمد).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير