تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إن الأستاذ عفيفي في مقاله هذا لم يذكر واحدا من المستشرقين الذين كتبوا عن التصوف إلا وقد ذكروا رأيا يشبه رأي هاتمان , وهورتن.

وقد سبق هؤلاء المستشرقين والقائلين بهذا الرأي من الباحثين , سبقهم جميعا البيروني , حيث قارن بين العقائد الهندية والعقائد الصوفية في كتابه المشهور (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة).

وأوجه الشبه التي ذكرها البيروني بين العقائد الهندية والعقائد الصوفية هي تتلخص في أمور ثلاثة:

أولا: الأرواح.

ثانيا: في طريق الخلاص.

ثالثا: الغاء التمايز ومحو الأشارة.

هذا والقارئ لأقوال الصوفية , والعارف بأحوالهم ورياضاتهم ومجاهداتهم يلاحظ بنفسه تشابها كبيرا بين هؤلاء وأولئك , وخاصة في تعذيب النفس , وتحمل المشاق , والتجوع , وحبس النفس , وإماتة الشهوات , والهروب من الأهل والأولاد , والجلوس في الخلوات , مراقبة صورة الشيخ , طرق الذكر , وكثير من العادات والتقاليد والرسوم , حيث لا يرى فيها إلا مشابهة تامة بتلك المذاهب وأصحابها , كمالا يرى فيها أي أثر للإسلام وتعاليمه , ولا ثبوت من حاملي رايته , ومتمسكي سبيله , متبعي طريقه.

ولوضع النقاط على الحروف لا نرضى مقولات الناس , بل نورد شهادات داخلية , واعترافات ذاتية , وعبارات ناطقة عن منابعها ومصادرها.

فنبدأ بسيد الطائفة الذي قال فيه أبو العباس عطاء:

(إمامنا في هذا العلم و مرجعنا المقتدى به).

والذي قيل فيه:

(إن الرجال من هذه الطائفة ثلاثة لا رابع لهم: الجنيد ببغداد. وأبو عبد الله بالشام , وأبو عثمان بنيسابور).

ونقل نيكلسون عن الجامي أنه قال:

(أن الجنيد أول من صاغ المعاني الصوفية , وشرحها كتابة , وأنه كان يعلّم التصوف في بيوت خاصة وفي السراديب).

ويكفي لبيان مقامه ومكانته عند القوم تلقيبهم إياه بسيد الطائفة , فنبدأ به فيقول:

(ما أخذنا التصوف عن القيل والقال , لكن عن الجوع , وترك الدنيا , وقطع المألوفات والمستحسنات).

وسئل أبو يزيد البسطامي:

(بأي شيء وجدت هذه المعرفة؟

فقال: ببطن جائع وبدن عار).

ونقل الطوسي عن يحيى بن معاذ أنه قال:

(لو علمت أن الجوع يباع في السوق ما كان ينبغي لطلاب الآخرة إذا دخلوا السوق أن يشتروا غيره).

ونقل النفزي الرندي المتوفى 792 هـ عن حاتم الأصم أنه قال:

(من دخل في مذهبنا هذا فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت: موت أحمر , وموت أسود , وموت أبيض , وموت أخضر.

فالموت الأبيض الجوع , والموت الأسود احتمال أذى الناس , , والموت الأحمر مخالفة النفس , والموت الأخضر طرح الرقاع بعضها على بعض).

والسلمي أيضا نقل عنه أنه قال:

(ما من صباح إلا والشيطان يقول لي: ما تأكل؟ وما تلبس؟ وأين تسكن؟.

فأقول: آكل الموت , وألبس الكفن , وأسكن القبر).

والشعراني نقل في طبقاته عن أبي محمد عبد الله الخراز أنه قال: (الجوع طعام الزاهدين).

ونقل الغزالي عن سهل بن عبد الله التستري أنه قال:

(ما صار الإبدال إلا بإخماص البطون , والسهر , والصمت , والخلوة).

ثم , وروى الغزالي في إحيائه روايات كثيرة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الجوع.

ومما يجدر ذكره أن المحقق كتب في تعليقاته عن جميع تلك الروايات في فضل الجوع أنه لم يجد لها أصلا.

هذا , ونقل عماد الدين الأموي عن عيسى عليه السلام أنه قال:

(طوبى للجياع العطاش فإنهم هم الذين يرون الله).

وقال السهر وردي:

(قد اتفق المشائخ على أن بناء أمرهم على أربعة أشياء: قلة الطعام , وقلة المنام , وقلة الكلام , والاعتزال على الناس).

ثم بيّن طريق التدرّب على الجوع , وهي تشبه تماما طريقة يوجا الهندية حذو القذة بالقذة , وطبق النعل , فيقول:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير