تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويحكي عماد الدين الأموي قصة صوفي هندي دمعت إحدى عينية ولم تبك الأخرى , فقال لعينه التي لم تدمع:

(لأحرمنك النظر إلى الدنيا , وغمض عينه , فلم يفتح عينه أكثر من ستين سنة).

وذكر عن صوفي هندي خضر سيوستاني القادري أنه (كان يسكن في المقابر , ولا يلبس إلا رداء واحدا , وكان يأكل العشب وأوراق الأشجار , كان له تنور يحميه ويتعبد فيه , وكانت حيوانات البادية تجالسه وتأوي إليه , وكان يتعبد في فصل الصيف على حجر حارّ خصّه لنفسه).

ويذكر الميرزه محمد أختر الدهلوي عن الصوفي فخر الدين رازي أنه (كان يسكن ليل نهار في الغابات).

وحكى عن صوفي هندي مشهور ميان أمير أنه (كان يسكن الجبال بعيدا عن الناس).

وهناك صوفي مشهور فريد الدين الملقب بكنج شكر فيحكي عنه أنه (علّق نفسه معكوسة في بئر , ولم يزل على هذه الحال أربعين سنة لم يأكل ولم يشرب شيئا).

وصوفي هندي آخر أحمد عبد الحق (حفر لنفسه قبرا , واشتغل فيه بالعبادة ستة أشهر).

وأما حبس الدم فيذكر القشيري:

(المبتدئ في الأحوال يجب أن يسكن حواسه , ولا يتحرك أنفاسه).

ويذكر الصوفي الهندي الدكتور ظهور حسن شارب أن الصوفي الهندي المشهور ميان مير (كان يقضي الليل كله في نفس واحدة).

ويذكر عن صوفي آخر ملا شاه أنه كان (يقضي الليل كله في نفسين فقط).

وهذا كله عملا بقول الصوفية:

(مقام المريد المجاهدات والمكابدات , وتحمل المشاق , وتجرع المرارات).

وأيضا بقولهم: (إن الصوفية يلزمون أنفسهم بالأغلظ والأشق من أقوال العلماء).

هذا ومثل هذه الأمور كثيرة جدا , التي لم تؤخذ ولم تقتبس إلا من الديانات الهندية ولا وجود لها في تعاليم الإسلام , ولم تنقل إلى الصوفية إلا منها.

وقبل أن ننتقل إلى فكرة أخرى نريد أن نبين أمرا آخر , وهو أن الصوفية بمختلف مشاربهم وطرقهم يتباهون بحبهم للجميع , وعدم الاعتراض على مذهب دون مذهب ومسلك دون مسلك. وإنهم لا يفرّقون بين ديانة وديانة , ولا يميّزون بين طائفة وطائفة وجماعة وجماعة , بل يحترمون جميع الآراء والمعتقدات وأصحابها , وقد نقلوا فيها أقوالا عديدة.

مع أنها لا أساس لها في شريعة الإسلام وتعاليمها , حيث أن هذا الأمر أصل من أصول فلسفة اليوجا التي ترى في كل الديانات وفي كل الفلسفات حقا , ولا يعترض على دين وفلسفة مهما اختلفوا وتباعدوا في المشرب والمسلك , ويسع مذهبه لمعتقدات الجميع , ويأبى أن يتقيد بقيود أيّ منها.

والجدير بالذكر أن هناك كتابا ترجم إلى اللغة العربية باسم (فلسفة راجايوجا) بطبع عبد الغني أحمد , وترجمة حسن حسين , فيه فصل خاص لمقارنة هذه الفلسفة الهندية بالفلسفة الصوفية و كما أن الكتاب كله يشتمل على الرياضات والمجاهدات وطرق الأوراد والذكر , التي نقلناها آنفا من المتصوفة الكبار وأقطاب هذه الطائفة وأعلامها.

وأما قضية وحدة الوجود والحلول والاتحاد , المقائد التي نادى بها الحلاج وابن عربي وجلال الدين الرومي وغيرهم ممن سلك مسلكهم , ونهج منهجهم. فلم يشك أحد في كونها مأخوذة مقتبسة بتمامها من (فيدانتا) الهندية.

ومن قرأ آراء شري شنكر أجاريا في فلسفة (فدانتا) عرف جيدا أنها عين ما قاله الحلوليون والاتحاديون وأصحاب وحدة الوجود , وأن ما بيّنه شنكر , وفصّل القول فيه في شرح فلسفة وحدة الوجود أو فيدنتا هي التي توجد في كتب الوجوديون بكلياتها وجزئياتها.

وأكثر من ذلك تعرض تعاليم شنكر أجاريا وتقرأ مكتوباته على من قرأ كتب ابن عربي , وشارحه ابن الفارض , ومفسره في العجم جلال الدين الرومي , لم يستطع التفريق في مقولاتهم ومكتوباتهم , وحتى الأسلوب والمنهج والتعبير وبيان الطرق الموصلة إلى حصول المعرفة والإدراك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير