تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد فات الدكتور الشيبي عندما أنكر على جابر بن حيان التصوف حيث قال:

(أن صلة جابر بالتصوف اسمية لأنه لم يكن صاحب مجاهدة أو خوف , أو نطاقا بأقوال زهدية , وإنما نقل عنه اشتغاله بالكيمياء).

قد فاته ما ذكره ابن النديم في فهرسته نقلا عن جابر بن حيان نفسه أنه قال:

(ألفت كتبا في الزهد والمواعظ).

وكذلك ما نقله هو نفسه عن (أخبار الحكماء) أن (جابر بن حيان كان مشرفا على كثير من علوم الفلسفة ومتقلدا للعلم المعروف بعلم الباطن , وهو مذهب المتصوفين من أهل الإسلام , كالحارث المحاسبي , وسهل بن عبد الله التستري ونظرائهم).

وكذلك ما نقله فيليب حتى حيث قال:

(أنه ادعى مذهبا خاصا في الزهد).

فهذا هو أول الثلاثة الذين لقبوا بالصوفية , والذي توفي بين 160 إلى 200 هجرية على اختلاف في الأقوال.

عَبْدك

و أما الثاني فهو عبد الله الصوفي فأيضا ذكره كل من المستشرق ماسينيون والباحث الإيراني الشيعي الدكتور قاسم غني , والشيعي العراقي دكتور مصطفى الشيبي وغيرهم , شاهدين بأنه كان شيعيا مغاليا.

فيقول ما سينيون:

(أما صيغة الجمع (الصوفية) التي ظهرت عام 199هـ (814 م) في خبر فتنة قامت بالإسكندرية فكانت تدل – قرابة ذلك العهد فيما يراه المحاسبي والجاحظ – على مذهب من مذاهب التصوف الإسلامي يكون شيعيا نشأ في الكوفة , وكان عبدك الصوفي آخر أئمته , وهو من القائلين بأن الإمامة بالتعيين , وكان لا يأكل اللحم , وتوفي ببغداد حوالي عام 210هـ (825 م).

وإذن فكلمة (صوفي) كانت أول أمرها مقصورة على الكوفة).

وكتب دكتور (قاسم غني) عنه:

(كان رجلا معتزلا الناس , زاهدا , وكان أول من لقب بلقب الصوفي – وأضاف الدكتور قاسم غني: وهذا اللفظ كان يطلق في تلك الأيام على بعض زهاد الشريعة من الكوفيين , وقد أطلقت هذه الكلمة أيضا في سنة 199هـ على بعض الناس مثل ثوار الإسكندرية , ولأن عبدك كان لا يأكل اللحم , عده بعض المعاصرين من الزنادقة. وكذلك يقول ماسينيون: لم يكن السالكون في القرون الأولى يعرفون باسم الصوفية , وقد عرف الصوفي في القرن الثالث , وأول من اشتهر في بغداد بهذا الاسم هو عبدك الصوفي الذي كان من كبار شيوخهم وأقطابهم , وهو سابق على بشر بن الحارث الحافي المتوفى سنة مائتين وسبع وعشرين , وأيضا قبل السري السقطي المتوفى في سنة مائتين وخمس وعشرين.

وبناء على ذلك نالت كلمة الصوفي شهرة في بادئ الأمر في الكوفة , ثم أصبحت أهميتها كبيرة بعد نصف قرن في بغداد , وصار المقصود من كلمة الصوفية جماعة عرفاء العراق بازاء جماعة الملامتية الذين كانوا من عرفاء خراسان , وتجاوز الإطلاق حده منذ القرن الرابع وما بعده. وأصبح المقصود من إطلاق كلمة الصوفية , جميع عرفاء المسلمين. وارتداء الصوف أي الجبة البيضاء الصوفية الذي كان حوالي أواخر القرن الأول من عادة الخوارج والمسيحيين).

هذا ونقل الشيبي عن السمعاني أنه قال:

(إن اسم عبدك هو عبد الكريم , وأن حفيده محمد بن علي بن عبدك الشيعي كان مقدم الشيعة).

ثم قال:

(وهكذا يبدو عبدك جامعا لاتجاهات عديدة مختلفة نابعة من التشيع , الممتزجة بالزهد المتأثر بظروف الكوفة التي انتقل منها كثير من سكانها إلى بغداد , بعد أن صارت عاصمة للدولة الجديدة , والمهم في شأن عبدك أنه أول كوفي يطلق عليه اسم صوفي بعد انتقاله إلى بغداد ... وقد رأينا أن لبس الصوف قد نبع من بيئة الكوفة التي عرفت بتمسكها بالتشيع ومعارضتها وحربها بالسيف أو بالقول أو بالقلب لمن نكل بالأئمة العلويين , وذلك – إذا صح – يقطع بأن التصوف في أصوله الأولى كان متصلا بالتشيع).

هذا ولقد ذكره أيضا من المتقدمين الملطي بقوله:

(إن عبدك كان رأس فرقة من الزنادقة الذين زعموا أن الدنيا كلها حرام محرم لا يحل الأخذ منها إلا القوت من حيث ذهب أئمة العدل , ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل وإلا فهي حرام , ومعاملة أهلها حرام , فحل لك أن تأخذ القوت من الحرام من حيث كان).

فهذا هو الرجل الثاني الذي لقب بلقب الصوفي بداية الأمر.

وأما الثالث فلقد ذكرناه فيما مر , وهو كوفي أيضا , ولكنه من العجائب فهو وإن لم يكن متهما بالتشيع متهم بالزندقة والدهرية كما ذكر الحاج معصوم علي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير