تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومكانته , ومنزلته , وشأنه , وقد نقل باحث شيعي عن جلال الدين الرومي الصوفي الفارسي المشهور أنه قال في أبياته ما تدلّ على رؤيتهم إلى علي وعقيدتهم فيه , فيقول:

(منذ كانت صورة تركيب العالم كان عليّ

منذ نقشت الأرض وكان الزمان كان عليّ

ذلك الفاتح الذي انتزع باب خيبر بحملة واحدة كان عليّ

كلما تأملت في الآفاق ونظرت

أيقنت بأنه في الموجودات كان عليّ

إن من كان هو الوجود , ولولاه

لسرى العدم في العالم الموجود (إياه) كان عليّ

إن سر العالمين الظاهر والباطن

الذي بدا في شمس تبريز كان عليّ).

وهذا الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما يقارن بالغلو الشيعي فيه , ليس بأقلّ منه في صورة من الصور.

وإليه تنتسب سلاسل التصوف كلها كما قال محمد معصوم شيرازي الملقب بمعصوم علي شاه:

(ولابد لكل سلسلة من سلاسل التصوف من الأزل إلى الأبد , ومن آدم إلى انقراض الدنيا أن تكون متصلة بسيد العالمين وأمير المؤمنين).

لأنه (أزهد الصحابة عند المتصوفة).

كما هو (رأس الفتوة وقطبها).

فأول وليّ عند المتصوفة هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ومنه إنتقل الولاية إلى غيره من الأولياء كما أنه أول إمام عند الشيعة , وتسلسلت منه فورثها غيره , وكذلك الفتوة والقطبية , وهو الذي ألبس خرقته الحسن البصري , وهذه الخرقة التي يلبسها المتصوفة خلفاءهم وورثتهم.

وينصّ على تشيع هذا ابن خلدون في مقدمته حيث يقول عند ذكر الصوفية:

(إنهم لما أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم وتخيّلهم رفعوه إلى عليّ رضي الله عنه وهو من هذا المعنى أيضا , وإلا فعليّ رضي الله عنه لم يختصّ من بين الصحابة بتخليه ولا طريقة في اللباس ولا الحال , بل كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم عبادة , ولم يختصّ أحد منهم في الدين بشيء يؤثر عنه في الخصوص , بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة , يشهد لذلك من كلام هؤلاء المتصوفة في أمر الفاطمي وما شحنوا كتبهم في ذلك مما ليس لسلف المتصوفة فيه كلام بنفي أو إثبات , وإنما هو مأخوذ من كلام الشيعة والرافضة ومذاهبهم في كتبهم والله يهدي إلى الحق).

وهذا إضافة إلى أن هذه الخرقة ونسبتها إلى عليّ , ورواية لبس الحسن البصري كلها باطل , لا أصل له , لأنه (لم يثبت لقاء الحسن مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على القول الصحيح , لأن عليا رضي الله عنه انتقل من المدينة إلى الكوفة والحسن صغيرا).

وعلى كل فإن الصوفية ينهون سند لبس الخرقة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه , كما ينهون إليه سلاسلهم.

ولا يقتصرون على عليّ بن أبي طالب وحده , بل يقولون مثل ما يقوله الشيعة تماما: (وثامن الفتيان بعد النبوة والرسالة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيث أسلم صبيا , وجاهد في سبيل الله مراهقا , وبوأه الله قطبانية الأولياء رجلا وكهلا.

وعنه أخذ الفتوة ابناه الحسن والحسين وهي أعلى مقامات الولاية عد القطبانية التي هي منها والصديقة التي هي كمالها.

ومن دلائل فتوة الحسن رضي الله عنه أن آثر الخلافة الباطنة على الخلافة الظاهرة , وتنازل عن الظاهرة حقنا لدماء المسلمين.

ومن دلائل فتوة الحسين أن الشهيد الأعظم في سبيل الله وفي سبيل الأمانة.

ومن الخصائص التي خصّ الله تعالى بها عليا كرم الله وجهه أنه إذا كان الرسول مدينة العلم فعليّ بابها , وإن كان للفروسية أو الولاية فتيان فهو فتاهما الأول.

فعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه أول فتيان هذه الأمة وفتى أوليائها , وحسبه في ذلك أن أراد إفتداء الرسول بنفسه).

ويقول أيضا:

(إن علي بن أبي طالب أخذ البيعة الخاصة بطريق الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولقن بها ابنه الحسن , ثم الحسين).

وكان الصوفي المشهور أبو العباس المرسي تلميذ الشاذلي يقول:

(طريقنا هذه لا تنسب للمشارقة ولا للمغاربة , بل واحد عن واحد إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهو أول الأقطاب).

وقالوا:

(وكان من أوائل أهل طريق الله بعد الصحابة علي بن الحسين زين العابدين , وابنه محمد بن علي الباقر , وابنه جعفر بن محمد الصادق , وذلك بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير