هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى يرى الشيعة أن أئمتهم أولئك أفضل من الأنبياء كما صرح بذلك الكليني أن الإمامة فوق النبوة والرسالة والخلة حيث نقل رواية عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال:
(إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا , وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا , وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا , وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما).
وروى أيضا عن يوسف التمار أنه سمع جعفر بن الباقر أنه قال:
(ورب الكعبة , ورب البنية –ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر عليهما السلام لأخبرتهما أني أعلم منهما , و لأنبئتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان , ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة).
وعنه أنه قال:
(إني لأعلم ما في السموات وما في الأرض , وأعلم ما في الجنة وما في النار , وأعلم ما كان وما يكون).
وقد بوب الحر العاملي صاحب موسوعة حديثية شيعية كبيرة بابا مستقلا بعنوان (الأئمة الإثني عشر أفضل من سائر المخلوقات من الأنبياء والأوصياء السابقين والملائكة وغيرهم , وأن الأنبياء أفضل من الملائكة).
ثم أورد تحته روايات عديدة , منها ما رواها عن جعفر أنه قال:
(إن الله خلق أولي العزم من الرسل , وفضلهم بالعلم , وأورثنا علمهم , وفضلنا عليهم في علمهم , وعلم رسول الله (ص) ما لم يعلمهم , وعلمنا علم الرسول وعلمهم).
وعلى ذلك قال الخميني زعيم شيعة إيران اليوم في كتابه (ولاية الفقيه) ما نصّه:
(إن من ضروريات مذهبنا أنه لا ينال أحد المقامات المعنوية الروحية للأئمة حتى ملك مقرب ولا نبي مرسل , كما روي عندنا بأن الأئمة كانوا أنوارا تحت ظل العرش قبل تكوين هذا العالم .... وأنهم قالوا: إن لنا مع الله أحوالا لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل , وهذه المعتقدات من الأسس والأصول التي قام عليها مذهبنا).
فهذه هي عقائد الشيعة الإثني عشرية في أئمتهم بأنه يأتي إليهم جبريل , وينزل عليهم الوحي , ويكلمهم الله من وراء حجاب , ويناجيهم من دون حجاب , وأن النبوة لم تنقطع ولم تختم بمحمد صلوات الله وسلامه عليه , وأن الولاية أعظم وأفضل من النبوة والرسالة , وعلمهم بدون واسطة فصاروا يعلمون علم ما كان وما يكون , وفضلهم على الخلائق من الأنبياء والرسل.
والنصوص والروايات في هذا الخصوص جاوزت المئات , وعليها أسست وبنيت الديانة الشيعية نتيجة مؤامرة يهودية للقضاء على الإسلام ودعوة خاتم النبيين الناطق بالوحي صلى الله عليه وسلم.
هذا , وبعد هذا عندما نرجع إلى آراء الصوفية , وأفكارهم , عقائدهم ومعتقداتهم , كتبهم ورسائلهم , رواياتهم ومقولاتهم , تصريحاتهم وعباراتهم , نجد معظم هذه الأفكار وطابعها واضحا جليا , بل إنها عين هذه الترهات والخزعبلات , مبثوثة منشورة في كتب الأولين منهم والآخرين. وهاهي النصوص:
فيقول الصوفي الكبير عبد القادر الحلبي المعروف بابن قضيب البان:
(كل ما خصّت به الأنبياء , خصّت به الأولياء).
وما هي اختصاصات الأنبياء غير الوحي , ونزول الملائكة , وكلام الربّ معهم , وإخبارهم عن الغيب , وكونهم معصومين عن الخطأ والزلل في تبليغ رسالات الله , التي يريد ابن البان إشراك غيرهم معهم من الصوفية؟
وهل لسائل أن يسأل: أو بعد مشاركة الغير يبقى الاختصاص اختصاصا؟
وقبل أن نتعمق في هذا نريد أن نضع النقاط على الحروف , كي لا يتوهم المتوهم أننا نلزم القوم على ما لا يتقولونه ويعتقدونه. فنثبت من كتبهم أنفسهم , وبعباراتهم هم ما يبرهن قولنا , فيقول الشيخ الأكبر للصوفية رادّا على الغزالي:
إن الغزالي غلط في التفريق بين نزول الملك على النبي والوليّ , مع أن النبي والوليّ كلاهما ينزل عليه الملك.
وقد ذكر الشعراني أيضا بقوله:
(فإن قلت: قد ذكر الغزالي في بعض كتبه: إن الفرق بين تنزّل الوحي على قلب الأنبياء وتنزله على قلوب الأولياء نزول الملك , فإن الوليّ يلهم ولا ينزل عليه ملك قط , والنبي لا بد له في الوحي من نزول الملك به , فهل هذا صحيح؟
¥