تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فالنبوة دائرة تامة مشتملة على دوائر متباينة متفاوتة في الحيطة , وقد علمت أن الظاهر لا يأخذ التأييد والقوة والتصرف والعلوم , وجميع ما يفيض من الحق تعالى عليه إلا بالباطن: وهو مقام الولاية , المأخوذ من الولي , وهو القرب , والوليّ بمعنى الحبيب أيضا منه.

فباطن النبوة الولاية , وهي تنقسم بالعامة والخاصة. فلأولى تشتمل على كل من آمن بالله وعمل صالحا , على حسب مراتبهم كما قال الله تعالى: {الله وليّ الذين آمنوا}.

والثانية تشتمل على الواصلين من السالكين فقط , عند فنائهم فيه وبقائهم به في الولاية الخاصة , عبارة عن فناء العبد في الحق. فالوليّ هو الفاني فيه الباقي به.

.... وهذا الفناء موجب لأن يتعين العبد بتعيّنات حقانية وصفات ربانية مرة أخرى , وهو البقاء بالحق , فلا يرتفع التعين منه مطلقا , وهذا المقام دايرة أتمّ وأكبر من دايرة النبوة , لذلك انختمت النبوة , والولاية دائمة , وجعل الوليّ , اسما من أسماء الله تعالى دون النبي , ولما كانت الولاية أكبر حيطة من النبوة وباطنا لها , شملت الأنبياء والأولياء. فالأنبياء هم أولياء فانون بالحق , باقون به , منبئون عن الغيب وأسراره .... ولا نهاية لكمال الولاية , فمراتب الأولياء غير متناهية).

هذا ومثل هذا كثير عنده.

وهناك تلميذ آخر لابن عربي شيعي , فقال مثل ما قاله القيصري:

(وفي الحقيقة: الولاية هي باطن النبوة , والفرق بين النبي والرسول والوليّ أن النبي والرسول لهما التصرف في الخلق بحسب الظاهر والشريعة , والولي له التصرف فيهم بحسب الباطن والحقيقة ومن هذا قالوا: النبوة تنقطع , والولاية لا تنقطع أبدا).

وقال النسفي عزيز الدين بن محمد المتوفى 671 هـ في كتابه (زبدة الحقائق):

(إن طائفة من الصوفية ذهبت إلى تفضيل الولاية على النبوة , وقالوا: أن النبوة باطنها الولاية , وأما الولاية فباطنها عالم الإله).

هذا ما ذكره في كتابه (زبدة الحقائق) , وبمثل ذلك ذكر في كتابه (الإنسان الكامل).

وأما ما قاله في كتابه (كشف الحقائق) فهو:

(أيها العارف , إن العارفين عند أهل الوحدة ثلاثة طوائف: حكماء وأنبياء وأولياء , فالحكيم من يكون عارفا بطبائع الأشياء , والنبي من يكون عارفا بطبائع الأشياء وخواصّها , والولي من يكون عارفا بطبائع الأشياء وخواصّها وحقائقها , فظهر أنه لا يوجد في العالم أحد يضاهي الوليّ في العلم والقدرة , لأن الله له تجليّان: تجلي عام , تجلي خاص.

فالتجلي العام عبارة عن أفراد الموجودات , والتجلي الخاص عبارة عن الوليّ , وهذا هو معنى قول الله عز وجل: {فالله هو الوليّ وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما}).

ويقول في موضع آخر من كتابه:

(المعرفة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول معرفة طبيعة كل شيء , وهذه رتبة الحكماء , والثاني معرفة خاصية كل شيء , وهذه رتبة الأنبياء , والثالث معرفة حقيقة كل شيء , وهذه رتبة الأولياء , وأعلم أن أهل الوحدة فضّلوا النبي على الحكيم , والوليّ على النبيّ , فإن كل نبي حكيم , وكل وليّ نبيّ , وليس كل نبي وليّ).

وأما الصوفي آخر سعد الدين حمويه فيقول في مثنويّه:

(واو الولاية أقرب إلى الحضرة الإلهية من نون النبوة , فلأجل هذا التقرب تعتبر الولاية أفضل من النبوة , ثم يبيّن ذلك في أبياته قائلا:

الحرف الأول من كلمة الولاية هو الواو

والواو في وسطها ألف أيها المريد

والحرف الأول من كلمة النبوة هو النون

والنون في وسطها حرف الواو

فإذن الوليّ قلب النبي وروحه

وروح الوليّ هو ذات الله ونفسه).

فهذه هي عقيدة المتصوفة في الأولياء , والولاية , عين تلك العقيدة الشيعية الشنيعة التي ذكرناها من قبل , وهي تتضمن تفضيل الأولياء على أنبياء الله ورسله , والبعض الآخر كتموها عملا بالتقية التي لم يأخذوها أيضا إلا من الشيعة كما سنذكرها.

فإن الوليّ عندهم فوق الرسول والنبي , ودون الله قليلا , وأحيانا يحذفون هذا الفرق البسيط أيضا بينه وبين الله , ويجعلونه ذات الله وعينه , سواء اتحد به , أو ذلك اتحد به , وعلى ذلك قالوا:

(لو كشف عن حقيقة الوليّ لعبد).

إجْرَاءُ النُّبُوة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير