تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإجماع سلف الأمة وأئمتها فإن الله تعالى يقول {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} الآية فلم يأمرنا بالرد عند التنازع إلا إلى الله والرسول فمن أثبت شخصا معصوما غير الرسول أوجب رد ما تنازعوا فيه إليه لأنه لا يقول عنده إلا الحق كالرسول وهذا خلاف القرآن وأيضا فإن المعصوم تجب طاعته مطلقا بلا قيد ومخالفه يستحق الوعيد والقرآن إنما أثبت هذا في حق الرسول خاصة قال تعالى {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم اله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} وقال {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا}. فدل القرآن في غير موضع على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فرق الله به بين أهل الجنة وأهل النار وبين الأبرار والفجار وبين الحق والباطل وبين الغي والرشاد والهدى والضلال وجعله القسيم الذي قسم به عباده إلى شقي وسعيد فمن اتبعه فهو السعيد ومن خالفه فهو الشقي وليست هذه المرتبة لغيره ولهذا اتفق أهل العلم أهل الكتاب والسنة على أن كل شخص سوى الرسول فإنه يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر وطاعته في كل ما أمر فإنه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).

وهو كما قال شيخ الإسلام أن الصوفية يعتقدون في أوليائهم ما يعتقد الشيعة في أئمتهم من تأليههم , وجعلهم أنبياء أو كالأنبياء , معصومين , ولو أنهم كثيرا ما يتجنبون عن استعمال هذه اللفظة , ويستبدلونها بالحفظ , ولا يقصدون من ورائها إلا العصمة التي يستعملها الشيعة توقيا وتحفظا من طعن الطاعنين واعتراض المعترضين , وسترا لتك الصلة الوثيقة التي تربطهم مع الشيعة , لو أن بعض المتهورين منهم لم يراعوا هذا الكتمان والإخفاء , وباحوا بهذا السر جهرا وعلنا , عارفين بأن تقيتهم هذه لا تسمن ولا تغني من جوع , لأن المراد من كلتا اللفظتين واحد , لا اختلاف بينهما من حيث المدلول , فقال قائلهم:

(وأما صور تلقيات الموحدين الخطابية فهو أن تنبعث اللطفية الإنسانية مجردة عن الفكر طالبة ما لا تعلم منه إلا نسبة الوجود إليه بتقييدها به فإذا نزل هذا العقل بحضرة من الحضرات نزل إليه بحكم التدلي أو برز له أو ظهر له اسم من الأسماء الحسنى بما فيه من الأسرار فيهبه بحسب تجريده وصحة قصده وعصمته في طريقه فيرجع إلى عالم كونه عالما بما ألقي إليه من علم ربه بربه أو من علم ربه بضرب من كونه ثم ينزل نزولا آخر هكذا أبدا (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي) وهو خير البشر وأكثرهم عقلا وأصحهم فكرة وروية فأين الفكر هنا هيهات تلف أصحاب الأفكار والقائلون باكتساب النبوة والولاية كيف لهم ذلك والنبوة والولاية مقامان وراء طور العقل ليس للعقل فيهما كسب بل هما اختصاصان من الله تعالى لمن شاء).

فاستعمل الشيخ الأكبر للصوفية العصمة للأنبياء والأولياء , وسوّى بينهما , ولم ير الفرق في كونهما مصطفين مختارين من قبل الله عز وجل , ومزلتهما ومكانتهما لا تدركان بالعقل , ومنصبهما لا يكتسب.

وقال في مقام آخر:

(إن من شرط الإمام الباطن (يعني الولي) أن يكون معصوما , وليس الظاهر إن كان غيره مقام العصمة).

وبمثل ذلك قال أبو الحسن الشاذلي:

(إن من خواص القطب إمداد الله له بالرحمة والعصمة والخلافة والنيابة).

وروى صوفي قديم أبو عبد الرحمن السلمي في (طبقات الصوفية) عن أبي بكر محمد الدينوري أنه سئل عن علامة الصوفي ما هي؟

فقال: (أن يكون مشغولا بكل ما هو أولى به من غيره , ويكون معصوما عن المذمومات).

ونقل الدكتور عبد الحليم محمود عن صوفي متقدم أبي بكر الواسطي المتوفى 320هـ أنه قسّم المتصوفة على ثلاثة أقسام , فقال:

(الناس على ثلاث طبقات , الطبقة الأولى: منّ الله عليهم بأنوار الهداية , فهم معصومون من الكفر والشرك والنفاق.

والطبقة الثانية: منّ الله عليهم بأنوار العناية فهم معصومون من الصغائر والكبائر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير