تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام: شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين , قال: فأجابني بمثل جواب أبيه).

فهذا هو المبدأ الخطير الآخر الذي أخذه المتصوفة من الشيعة ليكونوا حزبا سرّيا يعمل في الخفاء لهدم مبادئ الإسلام وتعاليمه , ولتأسيس ديانة جديدة تعمل لتوهين القوى الإسلامية ونشاط المسلمين لنشر الكتاب والسنة , والتقاعد عن الجهاد والغزوات , وبناء المجتمع الإسلامي على أسس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وقد وضعناه أمام الباحثين والقراء مع المقارنة بين أفكار الآخذين والذين أخذ عنهم , معتمدين على أوثق الكتب وأثبتها وأهمها لدى الطرفين.

الظّاهِرُ وَالبَاطِنُ

وأما الفكرة الأخرى التي تسربت إلى التصوف من التشيع , واعتنقها الصوفية بتمامها هي فكرة تقسيم الشريعة إلى الظاهر والباطن , والعام والخاص.

ومنها تدرّجت وتطرقت إلى التأويل الباطني والتفسير المعنوي , وتفريق المسلمين بين العامة والخاصة , فإن الشيعة بجميع فرقها , وخاصة الإسماعيلية منهم يعتقدون أن لكل ظاهر باطنا , وقد اختص بمعرفة الباطن عليّ رضي الله عنه , وأولاده أي أئمتهم المعصومون حسب زعمهم , فسمّوا الموالين لهم بالخاصة , وغير المؤمنين بهذه الفكرة بالعامة.

فلقد قالوا:

(لا بدّ لكل محسوس من ظاهر وباطن , فظاهره ما تقع الحواسّ عليه , وباطنه يحويه ويحيط العلم به بأنه فيه , وظاهره مشتمل عليه).

وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(ما نزلت عليّ آية إلا ولها ظهر وبطن , ولكل حرف حدّ , ولكل حدّ مطلع).

ثم قسموا الظاهر والباطن بين النبي والوصيّ حيث قالوا:

(كانت الدعوة الظاهرة قسط الرسول صلوات الله وسلامه عليه , والدعوة الباطنة قسط وصيّه الذي فاض منه جزيل الإنعام).

ثم قالوا:

(إن الظاهر هو الشريعة , والباطن هو الحقيقة , وصاحب الشريعة هو الرسول محمد صلوات الله عليه , وصاحب الحقيقة هو الوصيّ عليّ بن أبي طالب).

هذا ولقد فصلنا القول في ذلك في كتابنا (الإسماعيلية القدامى تاريخ وعقائد) حيث بوبنا بابا مستقلا لبيان هذه العقيدة الخطرة للتلاعب بنصوص القرآن والسنة فمن أراد الإستزادة فليرجع إليه.

وأن الشيعة الآخرين كالشيعة الإثني عشرية يقولون بهذا القول كما روى كلينيهم في كافيّه عن موسى الكاظم – الإمام السابع عندهم – أنه قال:

(إن القرآن له ظهر وبطن).

وأيضا ما رواه ابن بابويه القمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث طويل أنه قال:

(إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب , ولم يعلم ذلك أحد غيري).

ويقولون: أن هذه العلوم توارثها أئمتهم بعده , فعلى ذلك يقول الكليني محدّث الشيعة في خطبه كتابه:

(فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا صلى الله عليه وآله عن دينه , وأبلج بهم عن سبيل مناهجه , وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه , وجعلهم مسالك لمعرفته , ومعالم لدينه , وحجّابا بينه وبين خلقه , والباب المؤدي إلى معرفة حقه , وأطلعهم على المكنون من غيب سره.

كلّما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما بيّنا , وهاديا نيّرا , وإماما قيّما , يهدون بالحق وبه يعدلون).

والجدير بالذكر أن التفريق بين الشريعة والحقيقة , وبين الظاهر والباطن من خواص التشيع إلا أنه لا توجد طائفة شيعية إلا وتؤمن بذلك , وكتب الفرق والكلام شاهدة على هذا , بل أنهم لم يختلفوا فيما بينهم في تعيين الإمام إلا بناء على هذا المبدأ , حيث أنهم اختلفوا: (إلى من أفضى الإمام الراحل أسرار العلوم واطلاعه على مناهج تطبيق الآفاق على الأنفس , وتقدير التنزيل على التأويل , وتصوير الظاهر على الباطن , لأنهم كلهم مؤمنون بأن لكل ظاهر باطنا , ولكل شخص روحا , ولكل تنزيل تأويلا , ولكل مثال حقيقة في هذا العالم).

فحاصل ما قلناه أن تقسيم الشريعة والعلوم إلى الظاهر والباطن من أهم الميزات التي تتميّز بها الشيعة بفرقها عن الآخرين من المسلمين , وهم الذين تقوّلوا بها متأثرين باليهودية التي استقوا منها أفكارهم , بوساطة عبد الله بن سبا اليهودي , المؤسس الحقيقي الأول لديانتهم ومذهبهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير