والسهروردي المقتول يفسر قول الله عز وجل:
({يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية}: أي ليست عقلية محضة , ولا غربية: أي ليست هيولانية محضة , وهي بعينها شجرة موسى التي سمع منها النداء , في البقعة المباركة من الشجرة , وقوله: ولو لم تمسسه نار: هذه النار هو الأب المقدس – روح القدس – وهو النار التي جاءت في قوله: {أنْ بورك من في النار} أي المتصلين بها).
وقال أيضا:
(ألأم تر أن موسى لما طلب الرؤية , قيل له: {ولكن انظر إلى الجبل فإنْ استقر مكانه فسوف تراني}: لأن هذا الجبل حائل دائم التحرك , شاغل للنفس. فلما تعدى السانح القدسيّ إلى معدن التخيل , قهره. كما قال الله تعالى: {فلما تجلّى ربه للجبل جعله دكا وخرّ موسى صعقا): انقطع سلطان البشرية بظهور نور الحقيقة , فاصطلمت النفس , وفنيت عن مشاهدة الكثرة بنور القيومية).
وأما ابن عربي الذي قال فيه الدكتور أبو العلاء العفيفي محللاً أسلوبه التأويلي والتفسيري:
(إنه يحول القرآن بمنهجه الخطير في التأويل إلى قرآن جديد).
وينقل الشيخ رشيد رضا المصري , عن شيخه محمد عبده رأيه في تفسيره بقوله: (وفيه من النزعات ما يتبرء منه دين الله وكتابه العزيز).
يقول ابن عربي هذا في تفسير قول الله عز وجل:
{الم}: أشار بهذه الحروف إلى كل الوجود حيث هو كل , لأن (أ) إشارة إلى ذات الله الذي هو أول الوجود ... و (ل) إلى العقل الفعال المسمى جبريل , وهو أوسط الوجود الذي يستفيض من المبدأ , ويفيض إلى المنتهى. و (م) إلى محمد الذي هو آخر الوجود تتمّ به دائرته , وتتصل بأولها , ولهذا ختم).
ويقول السلمي الذي قال فيه الذهبي:
(أتى السلمي في حقائقه بمصائب وتأويلات باطنية نسأل الله العافية).
يقول في تفسير آلم:
(الألف ألف الوحدانية , واللام لام اللطف , والميم ميم الملك , معناه من وجدنا على الحقيقة بإسقاط العلائق والأغراض تلطف له في معناه فأخرجته من رقّ العبودية إلى الملك الأعلى).
وأما القشيري ففسر آلم:
(فالألف من اسم (الله) , واللام يدل على (اللطيف) , والميم يدل على اسمه (المجيد) و (الملك).
وقيل أقسم الله بهذه الحروف لشرفها لأنها بسائط أسمائه وخطابه.
وقيل إنها أسماء السور.
وقيل الألف تدل على اسم (الله) واللام تدل على اسم (جبريل) والميم تدل على اسم (محمد) صلى الله عليه وسلم , فهذا الكتاب نزل من الله على لسان جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
والألف من بين سائر الحروف انفردت عن أشكالها بأنها لا تتصل بحرف في الخط وسائر الحروف يتصل بها إلا حروف يسيرة , فيتنبه العبد عند تأمل هذه الصفة إلى احتياج الخلق بجملتهم إليه , واستغنائه عن الجميع.
ويقال يتذكر العبد المخلص من حال’ الألف تقدس الحق سبحانه وتعالى عن التخصص بالمكان , فإن سائر الحروف لها محل من الحلق أو الشفة أو اللسان إلى غيره من المدارج غير الألف فإنها هويته , لا تضاف إلى محل.
ويقال الإشارة منها إلى انفراد العبد لله سبحانه وتعالى فيكون كالألف لا يتصل بحرف , ولا يزول عن حالة الاستقامة والانتصاب بين يديه.
ويقال بطالب العبد في سره عند مخاطبتة بالألف بانفراد القلب إلى الله تعالى , وعند مخاطبته باللام بلين جانبه في (مراعاة) حقه , وعند سماع الميم بموافقة أمره فيما يكلفه.
ويقال اختص كل حرف بصيغة مخصوصة وانفردت الألف باستواء القامة , والتميز عن الاتصال بشيء من أضرابها من الحروف , فجعل لها صدر الكتاب إشارة إلى أن من تجرد عن الاتصال بالأمثال والأشغال حظي بالرتبة العليا , وفاز بالدرجة القصوى , وصلح للتخاطب بالحروف المنفردة التي هي غير مركبة , على سنة الأحباب في ستر الحال , وإخفاء الأمر الأجنبي من القصة – قال شاعرهم:
قلت لها قفي لنا قالت قاف لا تحسبي أنا نسينا لا يخاف
ولم يقل وقفت ستراً على الرقيب ولم يقل لا أقف مراعاة لقلب الحبيب بل (قالت قاف)).
ويكتب الجيلي تحت قول الله عز وجل: {آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين , الذين يؤمنون بالغيب}:
¥