وهنا عدة أسئلة: إن كان الله فضّل كل نبي على عالمي زمانه كما يفسرون .. أليس علة التفضيل: كونه نبياً؟ وهذا يدل على أن النبي مفضل مطلقاً .. وأيضاً تسليماً للتفسير المذكور فإن من المعلوم أن لفظة {وكلاً} تفيد العموم .. أي: كلاً من محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وغيرهم من الأنبياء: كل واحد من هؤلاء الأنبياء مفضل على أهل زمانه، أقول: أليس في زمن كل واحد من هؤلاء أو أكثرهم أولياء؟!
الجواب قطعاً يوجد، فإذا كان يوجد في زمن كل نبي أو في زمن أكثرهم أولياء ومع ذلك فُضل نبي هذا الزمن عليهم ففي التفسير المذكور دلالة واضحة جداً على فضل النبي على الولي ..
هذا .. وفي تفسير النسفي (2/ 252) " وقد زل أقدام أقوام من الضلال في تفضيل الولي على النبي وهو كفر جلي .. " اهـ
وفي بستان العارفين للنووي - رحمه الله - (1/ 22) " فصل، قال القشيري: هل يجوز تفضيل الولي على النبي قلنا رتبة الأولياء لا تبلغ رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام للإجماع المنعقد على ذلك. " اهـ
ولا يخفاكم أن القشيري - رحمه الله - من رؤوس الصوفية ..
وفي كتاب [بريقة محمدية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية] (2/ 90) " (وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ أَنَّ تَفْضِيلَ الْوَلِيِّ عَلَى النَّبِيِّ) فَضْلًا عَنْ الرَّسُولِ (كُفْرٌ وَضَلَالٌ) أَشَارَ إلَى عِلَّتِهِ بِقَوْلِهِ (كَيْفَ وَهُوَ تَحْقِيرٌ لِلنَّبِيِّ) هَذَا دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ (وَخَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ) دَلِيلٌ نَقْلِيٌّ وَإِطْلَاقُ الْإِجْمَاعِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَمَالُهُ الَّذِي هُوَ الْقَطْعِيُّ دَلَالَةً وَثُبُوتًا " اهـ
وفي تفسير البحر المحيط (6/ 333) " لأن بعضهم نقل عنه أنّ الولي أفضل من النبي، وهذا لا يكاد يخطر في قلب مسلم " اهـ
وفيه أيضاً (9/ 158) " ومن ذهب إلى أن النبوة مكتسبة لا تنقطع، أو إلى أن الولي أفضل من النبي، فهو زنديق يجب قتله. " اهـ
ولي عودة - إن شاء الله تعالى -
وفي فتح الباري (1/ 195) " وَمِنْ أَوْضَح مَا يُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى نُبُوَّة الْخَضِر قَوْله: (وَمَا فَعَلْته عَنْ أَمْرِي) وَيَنْبَغِي اِعْتِقَاد كَوْنه نَبِيًّا لِئَلَّا يَتَذَرَّع بِذَلِكَ أَهْل الْبَاطِل فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْوَلِيّ أَفْضَل مِنْ النَّبِيّ، حَاشَا وَكَلا. " اهـ
وفي الفتاوى لشيخ الإسلام (3/ 23) " سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي " الْأَبْدَالِ " هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ مَقْطُوعٌ؟ وَهَلْ " الْأَبْدَالُ " مَخْصُوصُونَ بِالشَّامِ؟ أَمْ حَيْثُ تَكُونُ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَكُونُ بِهَا الْأَبْدَالُ بِالشَّامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَالِيمِ؟ وَهَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الْوَلِيَّ يَكُونُ قَاعِدًا فِي جَمَاعَةٍ وَيَغِيبُ جَسَدُهُ؟ وَمَا قَوْلُ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُسَمَّى بِهَا أَقْوَامٌ مِنْ الْمَنْسُوبِينَ إلَى الدِّينِ وَالْفَضِيلَةِ وَيَقُولُونَ هَذَا غَوْثُ الأغواث وَهَذَا قُطْبُ الْأَقْطَابِ وَهَذَا قُطْبُ الْعَالَمِ وَهَذَا الْقُطْبُ الْكَبِيرُ وَهَذَا خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ
الْجَوَابُ
وَكَذَا لَفْظُ " خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ " لَفْظٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَأَوَّلُ مَنْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ انْتَحَلَهُ طَائِفَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ: كَابْنِ حموية وَابْنِ عَرَبِيٍّ وَبَعْضِ الشُّيُوخِ الضَّالِّينَ بِدِمَشْقَ وَغَيْرِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْبُهْتَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ طَمَعًا فِي رِيَاسَةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ لَمَّا فَاتَتْهُمْ رِيَاسَةُ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ غَلِطُوا؛ فَإِنَّ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ إنَّمَا كَانَ أَفْضَلَهُمْ لِلْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّ أَفْضَلَ أَوْلِيَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ
¥