[شمولية الإسلام في تربية الإنسان]
ـ[العبدضو]ــــــــ[11 - 04 - 07, 08:00 م]ـ
قام الدين الإسلامي على اسس لا يستقيم البناء إلا بها وهي متعددةكالعموم والمرونة والشمول وسنقتصر في هذه المحاولة على اظهار نظرة الإسلام للشمولية في سعيه لتكوين الفرد القويم الذي يتحقق به المجتمع الفاضل.
إن الأحكام الشرعية والتوجيهات والقيم التي انبنى عليها الإسلام اهتمت بكل جوانب الحياة فلم تغلب احدها على الآخر بل اخذتها في سياق دينامي متفاعل .. قال الله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء" وقوله تعالى"وكل شيء احصيناه كتابا".
إن الشمول قائم على اهتمام الإسلام بجميع جوانب الحياة الإنسانية المادية والروحيةوالعقلية والأخلاقية دون تفرسيط او تغليب لجانب على آخر .. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: للله عليك حق ولنقفسك عليك حق" وبذلك يتجلى معنى الحرص الذي يوليه الإسلام للعمل من أجل الدارين.قال الله تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا نتنس نصيبك من الدنيا" وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ليس خيركم من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه"
إن التمعن في أقسام الشريعة الإسلامية يبرز هذا الأمر ويجليه إذ نجد الأقسام التالية:
- العقائد: من ايمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر
- العبادات: من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمل
- المعاملات: سواء في نطاق الأسرة كالزواج والحضانة والنفقة أو في نطاق المجتمع من تكافل وبيع أو في نطاق الحكم كالخلافة والبيعة والحسبة وغير ذلك. أو في العلاقات الدولية من حرب وسلم ومعاهدات وغير ها
- الأخلاق: ظاهرة كانت كالصدق والأمانة أو باطنة كالغبطة والحسد ....
إن الميزة الإسلامية أن هذه الأقسام إنما يأتي تقسيمها اعتباريا فقط فهي متكاملة متفاعلة دينامية لا يمكن عزل أحدها عن كل هذه العوامل وإنما كل واحدة منها بمثابة قطعة أساسية في محرك إذا فقدت توقف المحرك عن العمل.
لذلك نرى أن الإيمان لا يكتمل إلا إذا بتوفر اركان ثلاثة: اعتراف باللسان وتوقير في القلب وتصديق بالعمل فإذا نقص أحدها اختل الإيمان كلية. ولا يتوقف هذا الشمول في ترابط هذه العناصر في الحياة الدنيا بل يربطها بالآخرة ويجعل الجزاء قائما عليها وتتزايد درجاته بمقدار تزايد الصدق والإخلاص فيها.
إن هذه النظرة الكلية الشاملة للفرد والجماعة في الإسلام تجعل منه الدين الأمثل لبناء الحضارة الإنسانية القائمة على تلبية حاجيات الفرد في مختلف جوانبها الروحية والفكرية والمادية والعلمية والعملية والفردية والإجتماعية.
إن الحضارة الغربية ذات المذاهب والإيديولوجيات الجزئية الإنشطارية كالفرويدية التي تفسر الحياة الإنسانيةبنظرة جنسية أو الماركسية التي تخضع النفس لحتمية تاريخية جبرية أو الرأسمالية النفعية التي تقتل المجتمع لتلبية طموحات غريزية فردية.
إنها مبادئ وقيم جزئية التصور انبثقت من اجتهاد بشري وتأثر بعوامل نفسية تعتلج بكل ما يحيط النفس البشرية من احاسيس فيها السليم وفيها المريض بينما الطرح الإسلامي منبثق من ارادة إلهية عالمة بمصالح العباد.
إن الإسلام منهاج كامل ونظام شامل غايته شريفة ووسائله نظيفة يهدي الناس إلى سعادتهم في دنياهم وأخراهم يوضح العقيدة الصافية والعبادة الهادية ويرشدهم إلى المعاملات الكريمة والخلاق العظيمة ويدلهم على أسس الحكم التي تصلح بها البلاد والعباد ويبين لهم كل ما فيه صلاح الفرد والجماعة ونهضة الأمة ورفعتها متكفلا بكل مطالب الخلائق في كل نواحي الحياة.
إنه الإسلام الذي جاء ليعالج قضايا البشر ويحكم الأرض حكما عادلا رحيما.