يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ "
صحيح مسلم - (ج 4 / ص 2221
لم يزل الشنقيطي متماديا في رد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بعقل طالب الثانوية المسلم المسكين الذي يدرّس له كل ما يخالف العقل والنقل والفطرة السليمة؛ فيؤمن به، وهو في الحقيقة ليس أكثر من صفحة بيضاء يكتب فيها كل معلم ما يشاء.
وأما ما موه به من أن الإنسان قد وطئ جميع أجزاء الكرة الأرضية فقول يكذبه الواقع المعاش، وما أخبار مثلث برمودا عنا ببعيد، أما الجزائر التي لا يعلمها الإنسان فهي كثيرة. فلا يهولنك بعد ذلك قوله:
" فطالب الثنوية المسلم اليوم يدرك أن الإنسان المعاصر قد وصل إلى كل موطئ قدم من اليابسة، بل اطلع على الكثير مما في باطن الأرض، وصور طبقاتها الجولوجية، ومعادنها وكنوزها، ورحل إلى القمر، وهو الآن يخطط للرحيل إلى المريخ. فهل نلزم هذا الشاب المسلم أن يؤمن بما رواه مسلم في حديث تميم داري الطويل المشهور أن الدجال موثق بالحديد في جزيرة وصل إليها بحارة عرب .. وهذه الغرائب غيض من فيض مما ورد في نزول المسيح وظهور الدجال. ويبقى السؤال: أين تلك الجزيرة اليوم بعد أن مسح الإنسان سطح الأرض مسحا؟! وأين الدجال الموثق فيها بالحديد؟! وهل هو الشاب اليهودي ابن صياد الذي عاش في المدينة، وحج أو اعتمر إلى مكة كما في صحيح مسلم ... "
قال جامعه عفا الله عنه: وأما هل هو بن صياد فقد تقدم تبيين أهل العلم أن ابن الصياد ليس هو الدجال الأكبر، وإن كان من عداد الدجالين.
قال شيخ الإسلام:
" وهذا بخلاف الأحوال الشيطانية مثل: حال عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال. وتوقف النبي في أمره حتى تبين له فيما بعد انه ليس هو الدجال؛ لكنه كان من جنس الكهان. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " قد خبأت لك خبأ". قال: الدخ الدخ. وقد كان خبأ له سورة الدخان. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اخسأ فلن تعدو قدرك". يعنى إنما أنت:من إخوان الكهان .. "
مجموع الفتاوى ج: 11 ص: 283
ومن التخبطات قوله:
" ليس مما يخدم الإسلام في شيء ـ وهو دين العلم والبرهان ـ أن يتم إلزام الناس بالإيمان بمنقولات مضطربة فيما بينها، مناقضة لبداهة العقل ومدركات الحس بل ذلك فتنة للمسلمين عن دينهم الحق، كما فتنت الكنيسة أتباع المسيح عليه السلام، بتحريفاتها وتأويلاتها المناقضة للعلم والعقل ".
هذا في عقول أهل الفتنة بالغرب وتفكيره المادي، أما أهل العلم والإيمان بالغيب والآخذين دينهم عن الكتاب والسنة المسلِّمين لهم؛ فلا إطراب عندهم في هذه الأحاديث ولا مناقضة بينها وبين العقل، أو الحس، ومن أهون الادعاءات قول هذا يخالف العقل، ولكن عقل من؟!.
قال القاضي عياض: " نزول عيسى وقتله الدجال حق عند أهل السنة للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله فوجب إثباته "
شرح صحيح مسلم للنووي 18/ 75
وأنا بصدد إخراج دراسة موسعة عن أحاديث المسيح والدجال أسأل الله أن ييسر لي إخراجها ليتبين أن لا تناقض بين الأحاديث الواردة في ذلك، وسميته
" أحاديث نزول عيسى وخروج الدجال رواية ودراية "
وأما زعمه أن العقيدة لا تثبت بأحاديث الآحاد فلوثة فلسفية مخالفة للقرآن والسنة وإجماع أهل العلم.
قال ابن عبد البر (أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد النمري الأندلسي، المتوفى سنة 463هـ) في كتابه (التمهيد): ((والذي نقول به: إنه (يعني: خبر الواحد) يوجب العمل دون العلم، كشهادة الشاهدين والأربعة سواء. وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر، وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده، على ذلك جميع أهل السنة ولهم في الأحكام ما ذكرنا))
التمهيد (ص1/ 8)
¥