وأعلم أن أهل السنة والجماعة يحبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويثنون عليهم ويترضون عنهم كما أثنى الله عليهم وترضى عنهم قال الله تعالى: " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " وقال: " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " وقال: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " إلى آخر السورة وقال: " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون " الآيات إلى قوله: " إنك رءوف رحيم " إلى غير ذلك من الآيات التي وردت في ثناء الله عليهم وترغيب المؤمنين في حبهم والدعاء لهم ولمن تبعهم بإحسان، وهم متفاوتون فيما بينهم فبعضهم فوق بعض درجات فأعلاهم درجة أهل بيعة الرضوان وكل من آمن قبل فتح مكة وأنفق في سبيل الله وقاتل لإعلاء كلمة الله قال الله تعالى: " ومالكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان بين عبدالرحمن بن عوف وبين خالد بن الوليد شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " رواه مسلم فدل الحديث على أن من أسلم قبل فتح مكة وقبل صلح الحديبية كعبدالرحمن بن عوف أفضل ممن اسلم بعد صلح الحديبية وبعد فتح مكة كخالد بن الوليد وإذا كان حل خالد بن الوليد ومن أسلم معه أو بعده من الصحابة بالنسبة لعبدالرحمن بن عوف والسابقين معه إلى الإسلام هو ما ذكر في الحديث فكيف بحال من جاء بعد الصحابة بالنسبة إلى الصحابة رضي الله عنهم وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " وفي حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ".
يرى أهل السنة أن حب الصحابة دين وإيمان وإحسان لكونه امتثالا للنصوص الواردة في فضلهم وأن بغضهم نفاق وضلال لكونه معارضاً لذلك ومع ذلك فهم لا يتجاوزون الحد في حبهم أو في حب أحد منهم لقول تعالى: " قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم " ولا يخطئون احدا منهم ولا بتبرءون منه ولهذا ورد عن جماعة من السلف كأبي سعيد الخدري والحسن البصري وإبراهيم النخعي أنهم قالوا الشهادة بدعة والبراءة بدعة ومعنى ذلك أن الشهادة على مسلم معين أنه كافر أو من أهل النار بدون دليل يرشد إلى الحكم عليه بذلك بدعة وأن البراءة من بعض الصحابة بدعة.
[فتاوى عبدالرزاق عفيفي ص320]
(22) س / سئل الشيخ ما حكم من سب صحابياً؟
فقال الشيخ رحمه الله: " تفصيل القول في حكم من طعن في الصحابة أو سب صحابياً أن الطعن جملة كفر لكن سب صحابي بعينه كبيرة من الكبائر ".
(فتاوى عبد الرزاق عفيفي ص370)
(23) هل يعتبر الشيعة في حكم الكفار وهل ندعوا الله أن ينصر الكفار عليهم؟
فأجاب بقوله الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر فليس على أحد بل ولا له أن يكفر أحدا حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره.
وإذا كان من المعلوم أن لا يملك أحد أن يحلل ما حرم الله أو يرحم ما أحل الله أو يوجب مالم يوجبه الله تعالى إما في الكتاب أو السنة فلا يملك أحد أن يكفر من لم يكفره الله إما في الكتاب وإما من السنة.
ولا بد في التكفير من شروط أربعة:
الأول: ثبوت أن هذا القول أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة.
الثاني: ثبوت قيامه بالمكلف.
الثالث: بلوغ الحجة.
الرابع: انتفاء مانع التكفير في حقه.
¥