تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - ومسبب محمود ثالث: وهو أنه يترتب على الكفر إدخال الكافرين النار فهذا محمود لله عندما يدخل الكفار النار لإظهار عدله وتحقيق بطشه وانتقامه فهو منتقم وهو شديد العقاب وهو يتصف بصفة الغضب فظهور صفة الغضب محمود للرب كما أن ظهور صفة الرضا محمود للرب، كما أن ظهور أثر اسم التواب محمود للرب، فلو لم يكن هناك كافر لبقي غضب الله معطلاً وبقيت دار غضبه ولعنته (النار) معطلة، فإذن مكروه أوصل إلى محبوب ولا يقضي الله شراً محضاً.

مثال آخر: إبليس خلقه الله وهو من أعظم الأسباب المكروهة لكنه يوصل إلى أعظم المسببات المحمودة المحبوبة (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً) فإذا عادينا الشيطان فالله يحب هنا الفعل منا، ولذلك لولا الشيطان لما تميز أهل التقى من أهل العصيان، لكن عندما يجاهد التقي نفسه ويذل عدوه و [والمؤمن يُنضي شيطانه كما يُنضي أحدكم بعيره في السفر] كما ثبت هذا في مسند الإمام أحمد عن نبينا عليه الصلاة والسلام، ومعنى (يُنضي) يتعب ويُهزل، أي يجعله نضواً أي ضعيفاً جلده ملتصق على عظمه حتى كأنه لا لحم عليه.

فالمؤمن إذا أكل سمى الله وإذا شرب سمى الله وإذا لبس سمى الله، وإذا دخل البيت سمى الله وإذا اتصل بأهله سمى الله وبالتالي يذل الشيطان، والشيطان يكون كالجزور فإذا صاحب المؤمن طار كالعصفور.

وضبط ابن مُفْلح لفظ ينضى بالصاد المهملة بدل الضاد المعجمة في كتاب صيانة الإنسان من وساوس الشيطان، فقال اللفظ هو (يُنصيء) بدل يُنضي أي يأخذ بناصيته ورقبته ويقتله ويتحكم فيه كما يريد، وعندما تتعب الشيطان وتهزله وكذلك عندما تذله وتتحكم به يفرح ربنا بهذا ويرضى ويحب هذا.

إذن الشيطان مكروه لكن نتج عنه محبوب، وكذلك ينتج عنه قتال أوليائه والله يحب هذا (فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) فهو إذن محمود أيضاً.

إخوتي الكرام ... كما يوجد في الجن من يصرع الإنس، يوجد في الإنس من يصرع الجن، فما أكثر من يصرع من الجن بنور المؤمن، والجني يأتي للمؤمن فإذا وصل إليه وذكر الله يصرع على الأرض ويتخبط (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)، وتقدم معنا في محاضرة مداخل الشيطان إلى نفس الإنسان في الفجيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعمر (ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك غير فجك) والحديث في الصحيحين، وفي بعض روايات الحديث في معجم الطبراني الكبير عن سَدِيسَة (ويقال سُدَيسَة) مولاة حفصة، وفي معجم الطبراني الأوسط عن أمنا حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعمر [والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان منذ أسلمت إلا خرّ على وجهه] أي مصروعاً.

إذن سبب مكروه مبغوض لكنه أوصل إلى مسبب محمود محبوب:

لعلّ عتبك محمود عواقبه ??? وربما صحت الأجساد بالعلل

• الاثنان اللذان لا يتعلق بهما قضاء الله جل وعلا وقدره:

3) سبب مكروه يوصل إلى مسبب مكروه: فهذا لا يقدره الله ولا يقضيه ولا يفعله ولا يخلق الله شيئاً مكروهاً لا حكمة من ورائه، فهذا عبث لا يقضيه الله، كما سيأتينا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم [والشر ليس إليك].

4) سبب محمود يوصل إلى مسبب مكروه: فهذا أيضاً لا يقضيه الله ولا يقدره ولا يفعله.

إذن لابد من أن تكون النتيجة والمسببات محمودة، فهذا الذي يقدره الله جل وعلا أما أن تكون المسببات مكروهة مذمومة فهذه مما لا يقدره الله ولا يقضيه مطلقاً.

قال أئمتنا الكرام: المراد نوعان:

النوع الأول: مراد لنفسه محبوب لذاته، وما فيه من الخير مرادٌ إرادة الغايات والمقاصد وهذا الذي سميناه محبوب يوصل إلى محبوب، كخلق النبيين، وتقدير وجود الإيمان والطاعة فهو مقصود، أي خلقه الله لأنه يحبه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير