ويقول هؤلاء الفلاسفة أيضاً: "شريعة الله من أولها لآخرها سفاهة"!!! سبحان الله، لكن هذا هو حال المخذولين ومنهم العبد المخذول أبو العلاء المعري الذي هلك سنة 449 هـ حيث يقول:
يد بخمس مئين عسجد وديت ??? ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض مالنا إلا السكوت له ??? وأن نعوذ بمولانا من النار
فهذه هي الزندقة يقول (تناقض .. ) ويقول أيضاً في أبيات أخرى:
أنهيت عن قتل النفوس تعمداً ??? وأرسلت أنت لقتلها ملكين
وزعمت بأن لها معاداً ثانياً ??? ما كان أغناها عن الحالين
أي لم هذه السفاهة يا رب أنت تنهانا عن القتل وأنت ترسل ملائكة تقتلنا؟ ولماذا تقول هناك معاد ثان ٍ وخلق ثان ٍ، لا حاجة لا للخلق الأول ولا الثاني؟!! سبحان الله هل صرت إلهاً حتى تحدد ملك الله وأفعاله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً لكن هذا هو حال من غضب الله عليه، ووصل في نهاية أمره يقول:
حياة ثم موت ثم بعث ??? حديث خرافة يا أم عمرو
وكان يقول أيضاً:
وما حج لأحجار بيت ??? كؤوس الخمر تُشرب في ذراها
إذا رجع الحليم إلى حجاه ??? تهاون بالشرائع وازدراها
أي الحليم إذا رجع إلى عقله فإنه يحتقر الشرائع من عهد آدم إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم!!! هذا هو نتيجة التعمق بالقدر مع أنه كل ما قاله يرده العقل البشري – وكل من يزعم أن هناك تناقضاً وتعارضاً بين أمر الله ونهيه وبين خلقه وقدره فهذا من سفاهته وقصر عقله وحماقته – فاليد الحكمة أن تُغلظ ديتها حتى لا يتعاون الناس في قطع أعضاء بعضهم البعض، والحكمة تقتضي أن تخفف نصاب السرقة لأننا إذا غلظناه وجعلناه كالدية خمسمائة دينار (80.000 درهم إماراتي تقريباً على أقل تقدير) أي لا تقطع اليد في السرقة إلا إذا سرق (80.000 درهم فما فوق) لفتحنا باب السرقة على مصراعيه، لكن الشارع خفف نصاب السرقة فجعله ربع دينار حتى يصون الأموال ولا يتساهل الناس في السرقة، وغلظ دية قطع اليد خطأ لا عمداً حتى لا يتساهل الناس في قطع أطرافهم، فأين السفاهة ما معري؟!! إن كلامك سفاهة يا سفيه، وإذا كنت تتقن الشعر ألا يوجد عندنا من يتقنه – كما حصل مع الزمخشري، وتقدم – يقول علم الدين السخاوي في الرد عليه (على أبيات المعري يد بخمس .... )
عز الأمانة أغلاها، وأرخصها ??? ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
أي عندما كانت أمينة جعلناها ديتها ثمينة عالية، ولما صارت خائنة صارت اليد رخيصة، لما كانت أمينة كانت ثمينة فلما خانت هانت، وقال الشيخ عبد الوهاب المالكي عليه رحمة الله، في الرد عليه:
صيانة العضو أغلاها وأرخصها ??? صيانة المال فافهم حكمة الباري
وهذه هي عين الحكمة التي يجب أن يقولها العقلاء لو فرضنا عدم نزول شريعة بذلك، حفاظاً على المال وعلى أعضاء الناس وأطرافهم، فكيف به وقد وردت به شريعة أحكم الحاكمين؟!.
وإننا نقول للمعري، لإبليس أولاً أنت تعترف بأن الله ربك فتقول يا رب، فإذن هو خالقك فكيف تخالف خالقك، أي هل هو أعطاك الحكمة وبقي هو بدون حكمة؟!! سبحان الله، ثم نقول للمعري أيضاً من خلقك سيقول الله، فتقول له الذي خلقك أعطاك الحكمة ورضي لنفسه بالسفاهة؟!! فأنت بما أنك سلمت بأنه خلقك يجب أن تقر وتسلم بحكمة الله وأن لا تتوهم أو تقول إن هناك مخالفة ومصادمة بين شرع الله وقدرته، فهذا حال من تعمق بالقدر وصل إلى حد الزندقة وكذلك المخذول الآخر أحمد بن يحيى الراوندي الذي هلك سنة 298 هـ وذكره ابن حجر في اللسان ليلعنه، فعليه وعلى أمثاله لعنات رب العالمين وهكذا إمامهم الأول الشيطان الرجيم هؤلاء كلهم يعترضون على أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، ولذلك كان المعري يقول: ما هجوت أحداً بشعري، فقال له بعض المعاصرين: صدقت إلا الله ورسوله. أي ما هجوت أحداً من البشر لكنك هجوت رب العالمين وخير المرسلين، فشعرك كله تسفيه لكلام الله جل وعلا ولحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول:
إذا رجع الحليم إلى حجاه ??? تهاون بالشرائع وازدراها
فهل هذا هو الحليم الحكيم؟!!! يرجع إلى عقله فيستهزئ بشرع ربه، سبحان الله، وقد تقدم معنا أن شريعة الله لعقولنا كالشمس لأعيننا، فكيف أنت تريد أن تستقل بتدبير نفسك؟!!!
إذا لم يكن عون من الله للفتى ??? فأول ما يقضى عليه اجتهاده
¥