تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذلك قال الله عن أهل الجنة (إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) (كانوا قليلاً من الليل يهجعون) فإذن ينبغي الخوف مما سبق، التقدير والخوف يدعوان إلى الابتعاد عن سخط الله وملازمة طاعة الله.

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بهذه الجملة المباركة [يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك] ثبت ذلك في سنن الترمذي وابن ماجه ومستدرك الحاكم، والحديث رواه ابن أبي عاصم في السنة، والآجري في الشريعة وسنده صحيح كالشمس عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [كان يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلنا: يا رسول الله آمنا بك وصدقناك فهل تخاف علينا فقال: إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء].

والحديث روي من رواية أمنا أم سلمة وعبد الله بن عمرو بن العاص والنواس ابن سموان رضي الله عنهم أجمعين بألفاظ متقاربة في بعضها [اللهم ثبت قلوبنا ثبت قلوبنا على دينك] وفي بعضها [اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك] هذه ألفاظ للحديث كلها ثابتة.

وثبت في معجم الطبراني الأوسط بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه والحديث في مجمع الزائد (10/ 176) أن الرسول صلى الله عليه وسلم [كان يدعو بقول: يا ولي الإسلام وأهله () ثبتني حتى ألقاك].

4 - الرابع: مبحث القدر يدعونا إلى أمر عظيم في حياتنا ينبغي أن نتصف به إذا آمنا بقدر ربنا وهذا الأمر هو: أن نكون أقوياء وأن نتوكل على رب الأرض والسماء لأن ما قُدر له، فعلام الوهن والضعف والجبن وعلام التواضع والاستكانة للمخلوق مع أن ما قدر لك كائن وسيأتيك ورزقك لا يأكله غيرك وحياتك لا تصرف إلى غيرك فلا ينبغي التذلل لغير الله (قل لن يصيبنا إلا ما كبت الله لنا)

ولذلك المؤمن هو أقوى أهل الأرض وإن كان فرداً ولو أن أهل الأرض قاطبة أجمعوا على حربه وعلى معاداته لقابلهم بنفسه لأنه واثق بأن الله إذا قدر له النصر سينتصر وإذا لم يقدر له النصر فلو كان معه أهل الأرض سينكسر ولذلك يقول الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم – وهذا شامل لكل مؤمن – (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) لم يوجد أحد معك قاتلهم بنفسك وكذلك المؤمن نتيجة لذلك لا يتذلل ولا يتضع لغير ربه، وقد صان الله جبهة المؤمن من الذل إلا له فيسجد له ويعظمه، سجد الفاني للإله القوي الباقي فهذا هو الذل الذي هو عز، لكن الذل الحقيقي والإهانة عندما يسجد الفاني للفاني.

جاء رجل من البادية وكان قد زاد عمره على (160) سنة إلى معاوية رضي الله عنه فسأله معاوية عن عمره وعما رآه في حياته فقال الأعرابي: سنوات مختلفة خصب وجدب يولد مولود ويموت موجود، لولا الموت لضاقت الدنيا بمن فيها ولولا الولادة لهلك أهل الأرض، فقال معاوية سل حاجتك، فقال: لا حاجة لي إليك، فقال: لابد، قال، إن كان ولابد فأريد أن ترد إليّ ما مضى من عمري، فقال: لا أملك ذلك أيها الرجل، قال: ادفع عني أجلي إذا حضرني، فقال: لا أملك ذلك، فقال الأعرابي: فكيف أسألك وأنت لا تملك شيئاً.

ولذلك السؤال لغير الله ذل، ولذلك إذا احتاج الإنسان إلى طعام بحيث إذا لم يأكل مات يباح له السؤال لكن الأولى أن يصبر حتى يموت جوعاً وسؤال المخلوقين فيه:

1) ظلم لله واعتداد على حقه والله يحب أن يُسأل والسؤال نوع من العبادة، فلما صرفت السؤال منه إلى غيره فهذا فيه اعتداء وظلم.

2) ظلم للمسئول لأن المخلوق أبغض الخلق إليه من يسأله وأحب الخلق إليه من لم يسأله والأمر مع الله على العكس أحب الخلق إلى الله من يسأله وأبغضهم من لم يسأله [ومن لم يسأل الله غضب عليه] كما ورد في الحديث.

3) فيه ظلم لك لأنك امتهنت نفسك وأذللتها عندما تذللت لمخلوق مثلك.

فالأولى أن تصبر وأن تموت جوعاً وأن لا تقول أعطني رغيفاً من خبز، أو حفنة من تمر وحقيقة هذه هي عزة المؤمن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير