تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثبت في سنن ابن ماجه ومستدرك الحاكم وصحيح ابن حبان من حديث جابر بن عبد الله، والحديث رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إن روح القُدُس نفث في رُعي () أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأَجمِلوا في الطلب] أي ترفقوا بأنفسكم في طلب الرزق فلا داعي للحرص ولا للحماقة ولا للتعب ولا للنصب ولا نقول اجلس في بيتك فأنت مطالب بالسعي لكن ليس بالركض قال تعالى (فامشوا في مناكبها) ولم يقل اركضوا في مناكبها وأسرعوا، بل امشوا ببطء وتؤدة وسكينة، والله لو قدر عليك الغنى لو قلبت الحجر لوجدت تحته ذهباً ولو قدر عليك الفقر، لو أعطيت الذهب لضاع منك.

ولذلك قال أئمتنا:

كم من قويٍ قويٌ في تقلبه ?? مهذب الرأي عنه الرزق ينحرفُ ()

وكم من ضعيفٍ ضعيفٌ في تقلبه ?? كأنه من خليج البحر يغترفُ ()

هذا دليل على أنه الإله له ??? في الخلق سر خفي ليس ينكشفُ ()

وحقيقة هذا موجود بيننا ترى الذي شكله قوي وألمعي لكنه لا يحصل من المال والرزق شيئاً وآخر تراه هزيلاً بليداً لكنه يحصل من الرزق والخير الشيء الكثير.

رحمة الله على الإمام الشافعي عندما يقول:

تجوع الأسد في الغابات جوعاً ??? ولحم الضأن تأكله الذئاب

وكم عبدٍ ينام على حرير ??? وذو نسب مفارشه التراب

وكان يقول مخبراً عن نفسه عليه رحمة الله:

علىَّ ثياب لو تقاس جميعها ?? بفلس لكان الفلس منهن أكثر

وفيهن نفس لو تقاس ببعضها ?? نفوس الورى كانت أعز وأكبر

وما ضر نصل السيف إخلاق غمده ?? إذا كان عضباً حيثما وجهته فرا

وهذا يدعوك إلى أن تربط قلبك بربك ولا داعي للحماقة أو التعب ما قدر لك سيأتيك كله بعز وبطاعة وإياك أن تطلبه بذل والله الذي لا إله إلا هو لو أن السارق ما سرق لجاءه المسروق من طريق حلال، والله الذي لا إله إلا هو لو صبر القاتل عن مقتوله لحظة لمات دون أن يقتله:

وميت بعمره من يقتل ??? وغير هذا باطل لا ينقل

فعمر المقتول انتهى سواء قتلته أم لا لكنك تحاسب لأنك باشرت القتل.

كان بعض شيوخنا الشيخ جمعة أبو زلام توفي عليه رحمة الله يحكي لنا قصة عن بعض طلبة العلم من الصالحين تأخرت نفقته واشتد جوعه فخرج في الشوارع لعله يجد كسرة خبز أو أي شيء يأكله فرأى بيتاً مفتوحاً فتأمله فإذا ليس به أحد – لكنه مسكون – ووجد خزانة للطعام تسمى عندنا في بلاد الشام (شعرية، غلية) فلما رآها فقال الميتة تحل للمضطر وكذلك المسروق يحل لي ففتحها فإذا بها طعام يسمى المحشي فأخذ واحدة فلما أراد أن يأكلها استحضر أن هذا لا يصح له لأنه لم يبلغ درجة الاضطرار وخوف الموت فطرح المحشي من يده وخرج فلما ذهب إلى الشيخ من أجل حلقة العلم قال له الشيخ أين كنت؟ فقال كنت في حاجة (ولم يخبره حياءً منه) فقال له: اجلس، هل لك رغبة في الزواج فقال له يا شيخ أنا جائع لا أستطيع إطعام نفسي وتريد أن تزوجني، فقال له الشيخ تُكفى كل شيء السكن والطعام، فقال، ومن يزوجني؟ فقال: هذه المرأة وكان زوجها قد توفى وتبحث عن زوج لابنتها منه وهي تطلب طالب علم ليتزوج ابنتها ويجلس معها، فقال: على بركة الله فعقد له الشيخ في ذلك المجلس ثم في المساء أخذه إلى بيت الزواج وإذا هو البيت الذي فيه المحشي في تلك الشعرية فلما دخل إلى البيت بدأ يبكي فظنت المرأة أن الرجل قد غير رأيه، فقالت له: علام تبكي؟، فقال: ما أبكي من أجل عدم استحساني لابنتك، إنما أبكي لأنه حصل معي كذا وكذا وأخبرهم بقصته ولولا أن الموقف يستدعي الإخبار لما أخبرتكم هكذا قال هذا الصالح، فتركها عن طريق الحرام فجاءت عن طريق الحلال.

وهذا تحقيق كلام النبي صلى الله عليه وسلم [إن روح القدس نفث في رُوْعي أنه ليس من نفس تموت (نكرة في سياق نفي دخلت من نص في العموم لا يخرج عن هذا مخلوق) حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجلوا في الطلب] اطلبوا لكن بطريق تتجلمون وتتزينون ولا تذلون ولا تمتهنون، أناس في هذه الأيام كأنه ركز فيهم أنهم إن عصوا الله يرزقون وإذا أطاعوه فترى من يعمل بالبنك عن عمله يقول إني إذا تركت فمن أين أعيش؟!! سبحان الله، ولذلك كان المؤمن أقوى خلق الله، لأنه يتوكل على الله والتوكل ثقة القلب بالرب ولذلك لا يجبن المؤمن عند ملاقاة الأعداء لإيمانه بالقدر وخالد بن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير