رواه ابن عدي في الكامل (6 2419) قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسين الأهوازي ثنا جعفر بن محمد بن حبيب ثنا عبد الله بن رشيد، ثنا مجاعة بن الزبير أو عبيدة عن الحسن عن سمرة، فذكره، وقد ذكر ابن رجب هذا الحديث في جامع العلوم والحكم. انظر (ص: 141).
قلت: وإسناده ضعيف، عبد الله بن رشيد ليس بالقوي وفيه جهالة المغني في الضعفاء للذهبي (1 481). . ومجاعة بن الزبير مختلف فيه وضعفه الدارقطني وغيره المغني في الضعفاء للذهبي (2 145). والحسن مختلف في
(الجزء رقم: 36، الصفحة رقم: 366)
سماعه من سمرة انظر: جامع التحصيل للعلائي. (ص) 199).، وقال المناوي في التيسير (1 90) إسناده ضعيف. لكن الحديث صحيح، يشهد له الحديثان قبله، وقد صححه الألباني في صحيح الجامع (1 129).
قلت: فبهذه الأحاديث يعلم أن المحسن اسم من أسماء الله الحسنى دون شك أو ريب. والله أعلم.
(ب) وقد جاء تسمية الله بهذا الاسم في أقوال بعض المحققين من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فقد قال: "وكان شيخ الإسلام الهروي قد سمى أهل بلده بعامة أسماء الله الحسنى وكذلك أهل بيتنا غلب على أسمائهم التعبيد لله كعبد الله وعبد الرحمن وعبد الغني والسلام والقاهر واللطيف والحكيم والعزيز والرحيم والمحسن. . . " الفتاوى (1 379). وسيأتي ذكر عبد المحسن بن علي الحراني من آل ابن تيمية وقد سمي بعبد المحسن. .
وقال في موضع آخر: (. . . لأنه سبحانه بر جواد محسن يعطي العبد ما يناسبه. .) الفتاوى. (5 238). .
وكذلك وقع في كلام العلامة ابن القيم تسمية الله بهذا الاسم في مواضع عديدة من مؤلفاته.
فقد قال في بدائع الفوائد في تفسيره لسورة الناس: (فتأمل هذه الجلالة وهذه العظمة التي تضمنتها هذه الألفاظ الثلاثة على أبدع نظام وأحسن سياق رب الناس ملك الناس إله الناس وقد اشتملت هذه الإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان وتضمنت معاني أسمائه الحسنى، أما تضمنها لمعاني أسمائه الحسنى فإن الرب هو القادر الخالق البارئ المصور الحي القيوم العليم السميع البصير المحسن. . إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقه من الأسماء الحسنى. .) البدائع. (2 249). وانظر أيضا البدائع (2 211). .
(الجزء رقم: 36، الصفحة رقم: 267)
وقال في مدارج السالكين وهو بصدد ذكره لأسماء الله وما تقتضيه (. . واسم البر المحسن المعطي المنان ونحوها تقتضي آثارها وموجباتها) المدارج. (1 416). .
وقال في طريق الهجرتين: (وإقرار قلوبنا بأن الله الذي لا إله إلا هو. . . وأنه حكيم كريم جواد محسن. . ولا أحد أحب إليه الإحسان منه فهو محسن يحب المحسنين. .) طريق الهجرتين. (ص: 120). .
وقال في نونيته الكافية الشافية (ص: 151). وهو بصدد أسماء الله وصفاته:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . فالبر حينئذ له نوعان وصف وفعل فهو بر محسن مولى الجميل ودائم الإحسان وكذلك الوهاب من أسمائه فانظر مواهبه مدى الأزمان
ونقل القرطبي وابن حجر عن ابن حزم عده لأسماء الله الحسنى التي جمعها من القرآن والسنة، وكان من ضمن هذه الأسماء اسم المحسن ولما ساقها القرطبي نقلا عن ابن حزم قال: "وفاته الصادق. . إلخ) مما يشعر أن القرطبي مقر له فيما ذكر من أسماء، وكذلك كلام ابن حجر يشعر بأنه مقر له فيما ذكر في أسماء حيث علق على الأسماء التي نقلها عن ابن حزم بأن سبعة وستين اسما منها مأخوذة من القرآن وباقيها ملتقط من الأحاديث انظر التلخيص الحبير لابن حجر (4 173). .
ثم إني لم أقف على كلام ابن حزم المشار إليه في شيء من كتبه وذلك بعد التتبع الذي وقفت عليه في كتبه من قوله يخالف ما نقلاه عنه حيث قال في فصله: (فلا يحل أن يسمى الله -عز وجل- القديم ولا الحنان. . ولا المحسن. . ولا بشيء لم يسم به نفسه أصلا وإن كان في غاية المدح).
(الجزء رقم: 36، الصفحة رقم: 368)
فهذا يناقض ما نقلاه عنه، وعلى كل إن كان ما نقلاه عنه صحيحا وأحسبه كذلك فالجمع بين النقلين يسير، بحيث يقال إن ابن حزم كان يرى أن المحسن ليس اسما من أسماء الله لعدم بلوغ النص إليه أو لعدم ثبوته عنده ثم بلغه النص- أو ثبت عنده- الدال على صحة تسمية الله بالمحسن فصار إليه، والله أعلم.
¥