تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يخفى أن الشريعة قد أنزلت المخاطَبين بالشرع على أربعة منازل فقط، ليس إلا هي، وهي منزلة: المسلم المؤمن, والمسلم الفاسق، والمنافق، والكافر المشرك. والوصفان الأولان يشملهما وصف الإسلام، والوصفان الأخيران يشملهما وصف الكفر. فالمكلَّفون كلُّهم: إما مسلمٌ (عدلاً كان، أو فاسقًا)، وإمّا كافرٌ (منافقًا كان أو معلنًا بكفره).هذه هي منازل الناس التي لا يخرجون عنها، والتي رتّبتِ الشريعةُ عليها أحكامًا.

وهنا أسألك:في أيِّ منزلة يقع المبتدعُ عندك؟ هل المبتدع عدلٌ مؤمنٌ؟ أم أنه مسلمٌ فاسق؟ أم أنه منافقٌ زنديقٌ؟ أم أنه كافرٌ خارجٌ من الملّة؟ فإنك (إن كنتَ من أهل العلم, أو نظرتَ في أحكامهم على المبتدعة) ستقول: إن المبتدع لا يصحُّ أن يُنزَّل مطلقًا في أحد تلك المنازل الشرعية، لأنه قد يكون مؤمنا عدلا (ولذلك قبلوا شهادته (24) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#47) وقبلوا روايته أيضًا (25) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#49)، وقد يكون فاسقا (إذا أتى ما يُفَسَّقُ به غيرُهُ من المعاصي سوى البدعة، أو إذا كانت بدعته مُفسِّقةً وأُقيمت الحُجّةُ عليه فأصرّ عليها)، وقد يكون منافقًا (إذا أبطن الكفر)، وقد يكون كافرًا (إذا ارتدّ عن الدين، كأن تكون بدعتُه كُفْريةً، وأُقيمت الحُجّةُ عليه، فأصرَّ على بدعته).فتبيّنَ بذلك أن المبتدعَ ليس مساويًا لواحدٍ من تلك الأوصاف الشرعية الأربعة، فخرج بذلك عنها جميعِها. بل تبيّنَ أن المبتدع من هذه الجهة كمن أظهر السنةَ وعدمَ التلبُّسِ بالبدعة, من جهة أنه قد يكون مؤمنًا، أومسلما فاسقًا، أومنافقًا، وقد يكفر. والسبب في ذلك أن المبتدع متأوّلٌ، والتأوُّلُ ما دام غيرَ مُضادٍّ للشهادتين فالأصلُ فيه الإعذارُ وعدمُ اللومِ والمؤاخذةِ عليه: ظاهرًا وباطنًا، وفي الدنيا والآخرة.

المهم أنه قد ظهر لك أن وَصْفَ (المبتدع) ليس منزلةً من المنازل الشرعية الأربعة، وأن الابتداعَ قد تُرافقه العدالةُ الدينية, وقد تتخلّفُ العدالةُ عن المبتدع المتأوّل لا من جهة البدعة التي تأوّلها، ولكنها تتخلّفُ عنه بمعاصٍ يقترفها أو نفاقٍ أو كُفرٍ، أو إذا ثبت عنادُه في بدعته وعدم تأوّله فيها. فلا يصح أن يُنزَّلَ المبتدعُ عندنا منزلةً بين المنزلتين (بين الإيمان والفسق)، ولا دون الفسق وفوق الكفر (ليكون منزلةً أخرى بين منزلتين) (26) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#51)؛ لعدم وجود منزلةٍ بين المنزلتين عند أهل السنة. فضلًا عن أن نُفَسِّقَهُ مطلقًا، أو نكفّره مطلقًا!! هذا كله مخالفٌ لحكم الشرع في المبتدع، مخالفٌ لمواقف أئمة الإسلام فيه.

فكيف نتوهّمُ بعد ذلك (أو نُوهِم): أن المبتدع شرٌّ في نفسه وعند ربه عزّ وجل ببدعته مطلقا من الفاسق الذي ينشر الخنا والفواحش لأنه لم يتلبّس ببدعة؟!! نعم .. لقد وقع هذا التوهُّم عندما قلنا عن المبتدع: إنه ليس من أهل السنة، فجعلناه بذلك خارجًا عن طائفتنا؟!! في حين أننا قلنا عن ذلك الفاجر: إنه من أهل السنة (فاسق سُنّي)، فأدخلناه في طائفتنا؟!! لا والله! لا يكون المؤمنُ التقيُّ (كقتادة والعزّ ابن عبد السلام) إلا من طائفة المؤمنين (والله حسيبهما) , ولا يكون الفاجرُ الشقيُّ إلا من طائفة الفجرة الفاسقين!!!

وانظر ماذا قال الخليفةُ الراشدُ علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) عمن كفّروه هو وكلَّ المؤمنين في زمنه ممن لم يدخل في بدعتهم، وهم الخوارج الذين قد جاء فيهم من النصوص وفي التحذير من بدعتهم ما لم يجئ في غيرهم. فقد صحَّ عنه (رضي الله عنه) أنه سُئل عنهم: «أمشركون هم؟ قال: من الشرك فرّوا. قيل فمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا. قيل: فما هم؟ قال: قومٌ بغوا علينا، فقاتلناهم» (27) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#53).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير