[خبث العلمانية]
ـ[أبو ريا]ــــــــ[23 - 04 - 07, 04:55 ص]ـ
خبثُ العلمانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ...
يروى أن جحا وابنه وحماره كانوا يسيرون في طريق، فسمع من يقول من الناس إن هذا الرجل وابنه أحمقان، لماذا لا يركب أحدهما على الحمار، فركب جحا، وبعد مسافة سمع من يقول إن هذا الأب قاسي القلب حيث يركب هو ويترك ابنه يمشي، فنزل جحا وأركب ابنه فسمع بعد مسافة من يقول إن هذا الابن عاق لأنه يترك أباه يمشي ويركب هو، فركب هو وابنه الحمار، فسمع من يقول إن هذين ليس في قلبهما رحمة حيث إنهما يرهقان الحمار والمقصود من هذه الحكاية أن العقل البشري قادر على مدح وذم أي حالة وأي قرار وأي عقيدة وأي نظام وسيجد لكل رأي أو عقيدة أو قرار أو نظام مؤيدون ومعارضون، مؤيدون يرون أنه الحق ومعارضون يرون أنه الباطل وهذا هو الجنون والعجز العلماني، وهذا يفتح باباً لا ينتهي من الجدل والنقاش البيزنطي فهذا يستشهد بقول الفيلسوف الأول، والثاني يستشهد بقول الفيلسوف الثاني، والثالث يقول هذا رأيي وهذه أدلتي وهكذا مما جعلهم لا يتفقون حتى على حقيقة فكرية واحدة مع أن عمر العلمانية الحديثة عدة قرون، وعمر العقل العلماني الآلاف من السنين.
قال الرازي " لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً، ولا تروي غليلاً " وقال:
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا ... سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ: قِيلَ وَقَالُوا 1
نعم هذه بداية قصة مرض نفسي نشاهده في حياتنا اليومية في صورة بعض الآدميين يمشون بيننا ويتنفسون الهواء الذي نتنفسه وهم ولاشك قد قرأوا ومر بهم من الآيات والنذر ما مر بنا، ولكن نظرتهم للحياة نظره مليئة بالاضطراب والشك، متذبذبة بين الحيرة واليقين، وقد اختلطت عليها الأمور حتى صار الحق باطلاً والباطل حقاً والثابت متحولاً والمتحول ثابتاً وكل ذلك يصاحبه عقلٌ بلقعٌ من العقلانية وإن ادّعوها وروحٌ خالية من الروحانية وآدمية خلت من الإنسانية وإن سنوها ديناً جديداً يبشرون به البشرية من وراء حجاب غليظ من المرض والتخبط وسوء الفطرة والفهم، وهذه كلها ولاشك من نتاج الهوى والشهوات، وهي مما يلقيه الشيطان في النفوس الموغلة في تتبع الشبهات.
لست بدعاً من الناس ولن آتي بجديد إن قلتُ:إن الأمةَ اليوم تمتحن على صعيد مستواها الفردي والجماعي وهي ولاشك تمر بمرحلة مخاض عسير تتبين فيه معادن الرجال، وتُعرض فيه الأفكار والرؤى والتصورات على محك القرآن والسنة، وهانحن نرى التجليات النورانية للمعاني الإيمانية في تلكم الآية القرآنية التي طالما تلوناها ورددناها (أم حسب الذين في قلوبهم مرضٌ أن لن يخرج اللهُ أضغانهم) 29 سورة محمد، وأيم الله لقد أخرجت قلوبٌ كثيرة أضغانها وأبانت عن صفحة السوء المندرجة تحت عباءة تنويرهم المزعوم وها نحن نسمع بمن يتمنى أن يكون قرداً ليفعل أفعال القرود.
وهنا لابد لنا من معرفة هذه الفرقة ونشأتها وما تعنيه هذه الكلمة قبل نقض أهدافها ومخططاتها الرامية إلى محاربة الاسلام بالدرجة الأولى.
تعريف العلمانية ونشأتها:
لفظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة Secularism في الإنجليزية، أو Secularite بالفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ العلم ومشتقاته على الإطلاق .. والترجمة الصحيحة للكلمة هي اللادينية أو الدنيوية، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد!!.
وفي دائرة المعارف البريطانية مادة Secularism هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها ..
وهل الدينا والآخرة طريقان منفصلان؟! وهل هذه لإله وتلك لإله؟! وهل الإله الذي يحكم الدنيا، غير الإله الذي يحاسب الناس يوم القيامة؟!
¥