تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - يقول الأمريكيون "لا تضع الكلمات في فمي" بمعنى لا تنسب لي قولاً لم أقله، ثم تبنى عليه انتقادك، فهناك من يتهم الاتجاه الإسلامي بأنه يغضب إذا إنتقدت التاريخ" أو "يطالب بالدولة الدينية" أو "يرفض الديمقراطية".ولو أخذنا تهمة رفض انتقاد التاريخ لوجدنا كتبا إسلامية كثيرة قديمة وحديثة تطرقت بالنقد والتحليل لتاريخ الدول الإسلامية، وما فيها من إيجابيات وسلبيات، ولوجدنا محاضرات في ذلك في كل الدول العربية، فمثل هذه التهمة ليس فيها من الموضوعية، ولا حتى واحد في المائة، ولكن الاتجاه الإسلامي يغضب إذا كانت هناك اتهامات كاذبة توجه لشخصيات إسلامية أثبتت إخلاصها وعلمها، والفرق ولا شك شاسع بين النقد الموضوعي، وبين الكذب والشتم، والتشويه وليس الاتجاه الإسلامي وحده الذي يرفض ذلك، بل كل أصحاب عقيدة أو مبدأ أو حتى حكومة أو حزب أو فرد يرفضون الاتهامات الباطلة، ومن المعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه ستكون هناك فتن وظلم، ومن ذلك ما قاله لعمار بن ياسر رضي الله عنه "ستقتلك الفئة الباغية" والكتب التي تحدثت عن الفتنة بعد قتل عثمان رضي الله عنه وعن مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه وعن الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية متوفرة في المكتبات. ومرتبط بهذا الموضوع أن من الظلم أن يستشهد العلماني بأقوال أو مواقف أو اجتهادات قديمة أو حديثة يرفضها الإسلام ويعارضها العلماء، ثم بناء عليها يتهم الإسلام بالتطرف، أو الجمود، أو الجهل، أو غير ذلك، فمن الطبيعي أن تكون هناك أقوال ومواقف شاذة في أمة فيها مئات الملايين من البشر لا يستطيع أحد أن يمنعهم من الكلام والكتابة، أو القيام بأعمال ومواقف منحرفة، فمن الظلم تحميل الإسلام الصحيح المعتدل الواعي مسؤولية ما قاله هذا أو فعله ذاك.

2 - صحيح أن الإسلام يرفض الثورة على الحاكم المسلم الظالم خوفاً من الفتنة ولكن هذا الأمر ليس على إطلاقه، وقد جرب بعض المسلمين الثورة على الخلافة الأموية والعباسية فزاد الظلم والانحرافات، وهذا أضعف المسلمين والدولة الإسلامية. وإذا أضفنا إلى ذلك أن الانحرافات موجودة في كل حكومة، وأن المصالح والعصيبات والجهلاء في كل شعب، فإن تشجيع التصادم بين الشعب والحكومة سيؤدي إلى الضعف والفشل والفقر، ولا شك في أن الإسلام دين واقعي ولا يتوقع المثالية من حكومة أو حزب أو جماعة أو فرد، فالواقعية شيء والتخاذل والاستسلام شيء آخر، ولو ثار المسلمون على كل حاكم ظالم لقال العلمانيون: انظروا إلى المسلمين، إنهم إرهابيون يحبون القتل والدماء. ومن المعروف في عالمنا العربي أن العلمانيين والمتأثرين بالعلمانية في العالم العربي لم يقوموا بثورات مسلحة خلال الثلاثين سنة الماضية، فلماذا لا يتهمون أنفسهم بأنهم يرضون بالظلم والاستبداد.

3 - يتهم الإسلام بأنه يناقض الديمقراطية، وهذا الاتهام ليس صحيحا، فمن المعروف أن الشورى واجبة، ومن المعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل حاكم مسلم عادل يشاور المسلمين، واختلف فقهاؤنا هل الشورى ملزمة للحاكم أم لا؟ ومن قال بأنها ملزمة للحاكم اقترب كثيراً من الديمقراطية الغربية، وعموماً واقع كثير من الدول الإسلامية الملتزمة بالإسلام ليس سيئاً في جانب الشورى حتى ولو حدث استبداد في فترات من تاريخنا. وإذا أضفنا إلى ذلك أن الديمقراطية الغربية ليست الصورة الأفضل للشورى لما فيها من سلبيات جعلت" تشرشل " يصفها بأنها أحسن الأنظمة السيئة. فإن محاكمة الإسلام بناء على المقاييس الغربية للديمقراطية خطأ، كما أن محاكمته بناء على ضعف المسلمين وعدم التزامهم بالشورى خطأ.

4 - يظن بعض العلمانيين أن الفكر الإسلامي يواجه عجزاً في بناء الدولة الإسلامية الحديثة، وأن من الصعب تقديم نظرية إسلامية سياسية واقعية، وأن المسلمين بحاجة لمن يشرح لهم أساسيات السياسة والعدل والحكمة ...... الخ وقد يكون هذا صحيحاً لو لم يبن المسلمون عدة دول عظمى على مدى تاريخنا، وقد يكون صحيحاً لو لم توجد دول إسلامية كالسعودية وإيران وماليزيا والسودان وغيرهم ليس لديها أزمة فكرية، لا في داخلها ولا في تعاملها مع العالم. أما من الناحية النظرية فالفكر الإسلامي السياسي ليس بحاجة إلى تقديم نظرية سياسية جديدة لأن مبادئه لم يثبت فشلها حتى يغيرها، أما إذا كان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير