تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه بديهية من البديهات التي يعد إدراكهما ـ فيما نحسب ـ هو نقطة الانطلاق الصحيحة لتغيير واقع الأمة الإسلامية، ويعد غيابها هو السبب الأول لبقاء الأمة ألعوبة في يد العلمانيين يجرّونها إلى الهلاك بكل مهلكة من القول والعمل، ويزيدونها غياً كلما اتبعتهم في طريق الغيّ .. طريق العلمانية .. ولأن إدراك هذه البديهية على هذا القدر من الأهمية، فلا بد من التفصيل فنقول:

نحن نرفض العلمانية لأنها ..

1 - تُحِل ما حرّم الله:

إذا كانت الشريعة مُلْزِمة من حيث المبدأ، فإن في داخل هذه الشريعة أحكاماً ثابتة لا تقبل التغيير، وأحكاماً عامة ثابتة في ذاتها، ولكنها تقبل أن تدخل تحتها متغيرات .. ومن بين الثوابت التي لا تقبل التغيير ولا يدخل تحتها متغيرات، أحكام العبادات كلها، والحدود، وعلاقات الجنسين.

فماذا فعلت العلمانية بهذه الثوابت؟ ..

إن الأنظمة العلمانية تبيح الزنا برضا الطرفين، و"المتشدد" منها يشترط موافقة الزوج أو الزوجة .. والكثير منها يبيح اللواط للبالغين .. وكلها يبيح الخمر والخنزير!! ..

فأما الزنا برضى الطرفين فنجد مثلاً أن قانون العقوبات في مصر والعراق يؤكد على أن الزنا إذا وقع برضى الطرفين وهما غير متزوجين وسنهما فوق الثامنة عشرة، فلا شيئ عليهما، وإن كانا متزوجين فلا عقوبة عليهما ما لم يرفع أحد الزوجين دعوى ضد الزوج الخائن. [قانون العقوبات المصري ـ مواد 267، 279]، وقانون العقوبات العقوبات العراقي ـ المواد 232، 240].

وإذن ففي شريعة العلمانية يكتسب الزنا "شرعية" حين يقع برضاء الطرفين والصلة بامرأة بالغة برضائها لا تقوم به جريمة إذا لم يقع في ظروف تجلعه داخلاً تحت قانون مكافحة الدعارة .. وتبيح العلمانية ظهور النساء على شواطئ البحر بملابس الاستحمام مع أنها تكشف العورات ..

فالعِرض في شريعة العلمانية هو مجرد حرية السلوك الجنسي، ولكل شخص في هذه الشريعة أن يتخذ لنفسه السلوك الجنسي الذي يروق له، والأفعال التي يحرّمها قانون العلمانية في جرائم العرض، إنما يحرمها لكونها تشكل اعتداء على الحرية الجنسية فحسب لا باعتبارها أمراً يغضب الله ويحرّمه الدين فإذا اتخذت الجريمة صورة الاغتصاب أو هتك العرض بالقوة فإن القانون الوضعي يُحرم ذلك لكونه اعتداء على الحرية الجنسية، لأن الجاني قد أرغم المجني عليه على سلوك جنسي لم تتجه إليه إرادته ورغبته .. ونفس الأمر نجده في جريمة الزنا فهي لا تعد جريمة إذا كان الطرفان غير متزوجين، أو إذا ارتكبها الزوج في غير منزل الزوجية، ولا تتحرك الدعوى الجنائية في جريمة الزنا إلا بناء على شكوى من الزوج، وللزوج الحق في التنازل عن الشكوى بعد تقديمها، وبالتالي تنقضي الدعوى الجنائية، وتوقف إجراءات رفع الدعوى الجنائية وللزوج حق وقف تنفيذ العقوبة!!. [شرح قانون العقوبات ـ محمود نجيب حسني، مجلة نادي القضاة 1981].

ذلك قانون العلمانية، وتلك فلسفته فيما يتعلق بجرائم العِرْض والزنا، وما ذكرته ليس إلا شرحاً لنصوص هذا القانون الذي تحكم به محاكمنا، ويدرسه طلاب كلية الحقوق .. قانون يمجد الحرية الجنسية، ويجعل من الشرطة حامياً لها، بل وتشرف الدول العلمانية على الملاهي الليلية وتعد لها شرطة خاصة لحمايتها .. وكأنها بيوت رسمية للبغاء .. بل هي على الحقيقة كذلك فلا يستطيع إنسان كائناً من كان، منع راقصة من الذهاب إلى هذه الملاهي، وإلا اعتبر ذلك منع لموظفة من أداء وظيفتها، وتعرض مَنْ منعها للعقوبة الجنائية والمدنية، واحتفظ صاحب الملهى بحق مقاضاتها ومطالبتها بالتعويض لعدم وفائها بالتزامها التعاقدي معه!!.

وهكذا تبيح العلمانية الزنا، وتهيئ له الفرص، وتعد له المؤسسات، وتقيم له الحفلات في الملاهي والمسارح.

وأما الربا فهو عماد الاقتصاد العلماني، تؤسس عليه البنوك، وتقدم به القروض، وقد حرم الله عزوجل الربا بقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} .. وهذه الآية نزلت في أهل الطائف لما دخلوا الإسلام والتزموا الصلاة والصيام لكن امتنعوا من ترك الربا فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا .. فإذا كان هؤلاء محاربين لله ورسوله فكيف بمن يقيمون للربا بنوكاً ويعطون للتعامل به الشرعية الكاملة؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير