تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير ..

أرأيت ـ أخي المسلم ـ هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير في القرن الثامن، لذلك القانون الوضعي الذي وضعه عدو الإسلام جنكيزخان؟ ألا ترى هذا الوصف ينطبق على القانون الوضعي الذي يضعه العلمانيون الذين يشرعون للناس من دون الله؟ إلا في وصف واحد وفرق واحد ـ أشرنا إليه سابقاً ـ وهو أن الشريعة الإسلامية كانت عند جنكيزخان مصدراً أساسياً لقانونه، بينما هي عند العلمانيين مصدراً احتياطياً من الدرجة الثالثة!!.

وإذا تبين هذا فإننا نقول بما قاله الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: "إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرد إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عز وجل: {فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} .. فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الإيمان في قلب عبد أصلاً، بل أحدهما ينافي الآخر ... فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام ميهأة مكملة، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به، وتقرهم عليه، وتحتمه عليهم. فأي كفر فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن "محمداً رسول الله" بعد هذه المناقضة.

إن ما جد في حياة المسلمين من تنحية شريعة الله، واستبدالها بالقوانين الوضعية البشرية القاصرة، بل رمي شريعة الله بالرجعية والتخلف وعدم مواكبة التقدم الحضاري والعصر المتطور ـ إن هذا في حقيقته ردة جديدة على حياة المسلمين، وهذا هو ما قاله الشيخ عبد العزيز بن باز في معرِض رده على القوميين حيث قال ـ: "الوجه الرابع من الوجوه الدالة على بطلان الدعوة إلى القومية العربية أن يقال أن الدعوة إليها والتكتل حول رايتها يفضي بالمجتمع ولا بد إلى رفض حكم القرآن لأن القوميين غير المسلمين لن يرضوا تحكيم القرآن فيوجب ذلك لزعماء القومية أن يتخذوا أحكاماً وضعية تخالف حكم القرآن حتى يستوي مجتمع القومية في تلك الأحكام، وقد صرح الكثير منهم بذلك كما سلف وهذا هو الفساد العظيم والكفر المستبين والردة السافرة" ..

وكيف لا وهذه الأحكام الوضعية تحل ما حرم الله، وتحرم ما أحل الله، وتبيح انتهاك الأعراض وإفساد العقول، وتهلك الحرث والنسل حتى أصبحت المادة القانونية: إذا زنت البكر برضاها فلا شيئ عليها أحفظ لأمن المجتمع ـ عند هؤلاء العلمانيين ـ من قول الله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بها رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} .. وأصبحت تصاريح فتح الخمارات والملاهي والمواخير والبنوك الربوية أصلح للمجتمع ـ عند العلمانيين ـ من الأخذ بقول الله عز وجل: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} .. وقوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله}.

إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، وهي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة .. وليس هذا رأياً لنا نبديه، أو رأياً لعالم أو مفسر أو مجتهد من الفقهاء ننقل عنه، إنما هو النص الذي لا مجال فيه للتأويل، والحكم المعلوم من الدين بالضرورة .. قال تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الكافرون} .. فالعلمانية التي تحكم بغير ما أنزل الله ليست معصية، بل هي كفر بواح .. وقبول الكفر والرضا به كفر .. ولذلك فلا بد لنا من رفض العلمانية لنبقى في دين الله، ونحقق لأنفسنا صفة الإسلام.

3 - تفتقد الشرعية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير