تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الخلايا العصبية تبقى وتستمر ولا تتلف ولا تتجدد ولا تزداد , والأطباء يقولون لو كانت تتلف وتتجدد فذلك يعني أن الإنسان يفقد ذاكرته تماما كل ستة أشهر , فهو يحتاج إلى أن يتعلم حتى مبادئ اللغة والنطق والحروف من جديد , فانظر إلى رحمة الله وبديع صنعه.

وأنت أيها الإنسان فانظر إلى صنيعك في اليوم الواحد , الإنسان يأكل في اليوم الواحد ما يقرب من ثلاثة إلى أربعة أرطال من الطعام , ويشرب في اليوم الواحد لترا ونصف اللتر من السوائل أو أكثر , ويتنفس ثلاث وعشرين ألف مرة , ويدق قلبه مائة ألف مرة في اليوم , ويختزن في ذاكرته من الصور التي شاهدها نصف مليون صورة جديدة كل يوم! , ويتخلص الإنسان في كل يوم من قدر أوقيه من الأملاح المعدنية , ويفرز لترا ونصف من اللعاب يوميا تقريبا , ويفز أيضا مثل هذا المقدار من العرق , وأما الكريات البيضاء في الدم فإنها تمثل محطات الدفاع الأولى للبدن , فهي بمثابة الفرق والدوريات المتجولة , فتقوم بحراسة هذا البدن من الجراثيم وتهاجمها , وأما الغدد اللمفاوية فهي تصطاد الجراثيم حينما لا تنجح مقاومة الكريات البيضاء لهذه الجراثيم , فهي خط الدفاع الثاني وهي أقوى من الكريات البيضاء , وحينما يحصل هذا العراك بين هذه الغدد اللمفاوية وبين الجراثيم تتضخم هذه الغدد ويزيد حجمها من جراء هذا القتال الدائر مع هذه الجراثيم الغازية , فهذه من الجنود التي خلقها الله عزوجل في بدنك وأنت لا تشعر وأنت ساهٍ لاهٍ , ثم في فترات هذه المعارك الضارية تحصل أشياء وتفاعلات وتعلن حالة الطوارئ فالبدن ليس له شهية إلى أن يأكل , والعرق يتصبب , والحرارة ترتفع , والوجه يتغير , ويشعر الإنسان بشيء من الإرهاق والتعب العام والخمول والضعف ونبضات القلب تتسارع والنشاط العام يحصل فيه شيء من الفتور , كل لك بمقاومة هذا العدو الصائل وأنت لا تدري شيئا عن ذلك كله , فالله عزوجل هو الذي قدر هذا الشيء وقضاه وصنعه وخلقه وبرئه وتبارك الله أحسن الخالقين , وقد أحسن من قال:

يا مدرك الأبصار والأبصار لا ** تدري له ولكنه إدراكا

إن لم تكن عيني تراك فإنني ** في كل شيء أستبين علاكا

· وقفة تأمل في الأفلاك:

· هذه النجوم التي نشاهدها ليلا , يقول أهل الفلك أنها تبتعد في كل ثانية بسرعة فائقة عن مكانها وتتحرك حركة مدهشة سريعة طبقا لنظام محدد وقواعد محكمة , بحيث إنها مع هذه السرعة والانتقال العجيب لا تصطدم مع بعضها , ولا يحصل اختلال في سرعتها , فهي تسرع سرعة منضبطة محددة لا تزيد ولا تنقص.

وهذه الأرض التي نعيش عليها فيها من العجائب والغرائب التي أودعها الله عزوجل فيها شيئا يبعث إلى العجب , فهي تتحرك حول الشمس بحركة منضبطة تمام الانضباط , ولا يمكن أن يحدث أدنى تغيير في سرعتها في هذه الحركة عندما تدور حول الشمس حتى بعد مرور مئات السنين , فإنها تبقى بهذه الحركة لا تزيد ولا تنقص , ولا تضطرب ولا تختل.

وهذا القمر الذي نشاهده ليلا , فهو يتبع حركة الأرض ويدور في فلك مقرب منضبط , مع تفاوت يسير جدا , ويتكرر ذلك بعد كل ثمانية عشر عاما ونصف العام بدقة فائقة , وتلك هي حال جميع الأجرام السماوية.

ويقول أهل الفلك بأن مجرات النجوم يتداخل بعضها في بعض , فتدخل مجرة في مجرة , والمجرة الواحدة يقولون إنها تشتمل على البلايين من السيارات المتحركة فتتداخل مع مجرة أخرى تحمل مثل ذلك أو قريبا من هذا العدد الهائل , وتتحرك سياراتها مع الأخرى , ثم تخرج منها بعد هذا التداخل بسياراتها جميعا , دون أن يحدث أي تصادم بين سيارات المجرتين , فهذا كله يجري بدقة عجيبة من غير اضطراب ولا اختلال ولا تفاوت في هذا الخلق العجيب الذي أبدعه الله تبارك وتعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير