تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) والله تبارك وتعالى يذكرنا ويأمرنا بأن ننظر ونتبصر فيما حولنا من المخلوقات التي نعايشها التي توجد في بيئتنا الله جل وعلا يقول: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ).

· وقفة تأمل مع خلق الجمل:

· وهذه المخلوقات التي ذكرها الله تعالى , لو تأملنا واحدا منها فقط عن هذا الجمل الذي أمرنا أن ننظر كيف خلق فإننا نجد هذا الجمل في هيئته الظاهرة قد ركب تركيبا عجيبا , فهو ينقل الناس في الصحراء , فجعل الله عزوجل له من الآلات ومن الخلق ما يتناسب مع هذه البيئة ومع هذا الأمر الذي خلقه من أجله ,فلما كان البعير يقطع المسافات كما قال الله عزوجل حينما ذكر أحكام الفيء: (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) في سورة الحشر , ومعلوم أن الإيجاف بالركاب أي الإسراع بالركاب أي بالإبل يستخدم في المسافات الطويلة البعيدة , وأما الخيل فإنها تستعمل لغارة على العدو , فالله عزوجل يقول: (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) لم تغيروا فيه على عدو ولم تسيروا عليه وتقطعوا شقة بعيدة على الإبل التي يسافر عليها , ولما كان انكسار المسلمين في وقعة أحد , أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن يتتبع المشركين وأن ينظر إليهم , ووجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمر يعرف به قصدهم , فذكر لهم إنهم إن جنبوا الخيل فهم يريدون مكة , يعني إن ركبوا على الإبل فهم يريدون مكة لأن الإبل تستعمل للسفر , وإن ركبوا الخيل فهم يريدون المدينة.

فالحاصل أن هذا الجمل ركبه الله تركيبا عجيبا , فجعل في عينيه في الجفن الأعلى وفي الجفن الأسفل جعل فيه من الشعر الكثيف بحيث أنه يمنع وصول الرمال إلى عينيه , وجعل الله عزوجل في أذنه شعرا كثيفا , بحيث أنه يمنع دخول الرمال إلى داخل الأذن , كما جعل له الله عزوجل شفة مشقوقة , وذلك أن الجمل حينما يسير في وقت الحر وفي وقت الريح , فإنه يستطيع أن يسد أنفه بهذه الشفة المشقوقة , فهو يتفادى بذلك آثار الريح من دخول الأتربة بأنفه , ويتفادى أيضا بذلك آثار دخول الريح من تسبيب العطش له.

وجعل الله عزوجل لهذا الجمل جعل لها سناما , وبعض الجمال تكون من ذوات السنامين , فهذا السنام يكون كالمخزن للغذاء , فيجتمع فيه الدهن والودك فيستطيع الجمل أن يبقى مدة طويلة ولا يأكل ولا يشرب , يستطيع الجمل أن يجلس خمسة عشر يوما لا يشرب , وأيضا فقد جعل الله عزوجل لهذا الجمل قوائم طويلة بحيث أنه يستطيع أن يسرع وأن يقطع المسافات وليكون ذلك متناسبا مع جسمه , فهو مع ضخامته إلا أنه يتحرك بكل خفة , ومعلوم أن الرجل إذا طالت كان ذلك أسرع في المشي , وأنت تشاهد ذلك حينما يمشي الإنسان الكبير مع الطفل الصغير , وكلاهما يمشي على سجيته , وتجد أن هذا الطفل الصغير يبطئ في المشي عن الكبير , وذلك لأن الرجل الطويلة تقطع من المسافة في الخطوة الواحدة أكثر مما تقطعه الرجل الصغيرة , فجعل الله عزوجل قوائم هذا الجمل جعلها طويلة , وجعل في أسفلها هذا الخف الذي هو لين الملمس من أسفله , وذلك في هيئة مفلطحة عريضة بحيث أنه يستطيع أن يطأ على الرمال دون أن يغوص فيها مع ضخامة بدنه ومع ثقل وزنه.

فلماذا ركّبه الله عزوجل هذا التركيب وصنعه بهذه الطريقة العجيبة البديعة , كل ذلك عن علم وحكمة فتبارك الله أحسن الخالقين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير