وأما إذا نظرنا في الأحوال الداخلية في هذا الجمل فإننا نجد عجبا قد حير العلماء , ففي جسم الجمل تركيبات لم يصل العلماء إلى سرها حتى الآن , لكنهم عرفوا بعض عملها وبعض أثرها , وهذه التركيبات تعمل على خفض درجة حرارة الجمل , فكلما اشتد الحرارة وارتفعت درجة الحرارة برد داخل الجمل , فلا يعرق ولا يبول فيفقد الماء , كما يتجنب الجمل فقدان الماء عن طريق التنفس بالمحافظة على كمية بخار الماء الموجود بهواء الزفير بفضل الأغشية المخاطية الأنفية والمتصفة بقابليتها لامتصاص الماء الذي يكون في هذا الهواء الخارج من جوف الجمل في عملية التنفس , فهو لا يخسر شيئا من السوائل البتة , حيث إن هذا الهواء حينما يخرج من جوفه فإن الله عزوجل قد ركب في هذا الجمل أشياء تمتص الرطوبة التي تكون في هذا الهواء , فهو لا يتعب مع التنفس ولا يعطش في عملية التنفس الطبيعية.
ويستطيع الجمل أن يفقد قريبا من ثلث السوائل التي في جسده , أو يستطيع أن يفقد من السوائل مقدار ثلث الوزن الذي يزنه هذا الجمل , ومن يستطيع ذلك سوى الجمل , فإذا كان وزن الجمل مثلا ثلاثمائة كيلو فإنه يستطيع أن يفقد من السوائل ما مقدار مائة كيلوا من غير أن يتضرر , ويستطيع أن يعوض هذه السوائل في مدة عشر دقائق , فهو يستطيع أن يشرب في هذه المدة مائة لتر من الماء , ثم هو أيضا يحتاج إلى ساعتين لتصل هذه السوائل إلى جميع أجزاء الجسد وخلاياه.
وأما هذا الوبر الذي يتوهم الإنسان لأول وهلة أنه لربما كان سببا لعنائه في وقت الحر , وأنه سببا لتكالب الحرارة على جسم الجمل وبالتالي زيادة العرق , فإن ذلك على خلاف ما نتوهمه , فهذا الوبر له دور كبير في الموازنة بين حرارة الجسم وبين حرارة الجسد , فهو يجعل جسد الجمل على حد من الحرارة بحيث إنه لا يحتاج إلى فقد مزيد من السوائل عبر الغدد العرقية الموجودة على سطح جلده , وكلما ازدادت كثافة الوبر على جسم الجمل كانت عملية العزل أكبر وأعلى.
أما كيف يحول الجمل الغذاء المدخر إلى دهون ثم يرفعها من أمعائه إلى سنامه ليكون مخزنا له , فهذا شيئا حير العلماء ولا يعرفون له جوابا إلى هذه الساعة!.
فوجود هذا الخلق العظيم المحيط بنا من كل ناحية , دليل أكيد على قدرة الله تبارك وتعالى وعلى عظمته وعلى كماله , والإنسان في كثير من الأحيان يبقى عاجزا منكسرا أمام هذا الخلق فيبهره ولا يستطيع أن يتعرف على كثير مما يحيط به فضلا على أن يصل إلى الإحاطة به من كل جانب , أو إلى الإحاطة في المخلوقات البعيدة عنه التي لا يشاهدها.
وقفة تأمل في التربة:
· فالتربة التي يقف عليها الإنسان فيها من المخلوقات العجيبة الدقيقة التي لا يراها الإنسان الشيء الكثير , حيث أن بعض العلماء يقولون إن ما يقرب من عشرين بالمائة مما في هذه التربة إنما هي مخلوقات وكائنات دقيقة حية , لا نشاهدها وهي تتحرك وتعيش! , ويخبرني بعض الإخوان أنه نظر إلى بعض الكائنات الدقيقة في مكبر , فيقول فرأيت عجبا , يقول رأيت أشياء لها خراطيم , ورأيت أشياء مما لا نشاهده في العين المجردة , يقول رأيتها تتحرك وتمشي وقد خلقها الله عزوجل على خلق عجيب , فهي عندما كبرت في هذا المكبر , صارت في هيئة مرعبة , فيقول لو أن الإنسان يشاهد هذه الأشياء على وسادته وفي فراشه ولربما في الإناء الذي يأكل منه لعافت نفسه هذا الطعام , ولم يستطع أن ينام على هذا الفراش مع أنه مليء من هذه الكائنات الدقيقة , وأنتم تعرفون أن الأطباء يقولون إن هذه الفرض هي بحاجة إلى أن توضع في الشمس بين حين وآخر ليطرد ذلك عنها هذه المخلوقات الدقيقة التي يعج بها هذا الفراش , ولربما رأيتم في الصحف صور بعض الكائنات الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة حينما تكبر , ويقولون أنها تكون مع الغبار أو أنها من مسببات الربو , فهذه الأشياء يعج بها هذا الكون , ونحن لا نشاهدها ولا نراها , فأقول هذا كله يدل على عظمة الخالق تبارك وتعالى.
ما يؤثره هذا الاسم الكريم في المؤمن:
¥