تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بمعنى أن إنعامكم ظهر أثره علي في ثلاثة أشياء , يدي فصارت جوارحي تعمل في التقرب إليكم بمقابل إحسانكم , ولساني بالثناء عليكم , والضمير المحجب بمعنى قامت هذه المعاني واستحضار النعمة في قلبي فلم أعرض عنها ولم أغفل عنها.

- بعض العلماء يقول الشكر هو ثناء على الله بأفعاله وأنعامه , والحمد ثناء بأوصافه.

- وبعض العلماء يقول لا يكون الشكر إلا على جزاء النعمة , وبينما الحمد يكون جزاءا كالشكر ويكون ابتداءا من غير سابق نعمة

· أيهما أعم الحمد أو الشكر؟

- ذهب ابن كثير رحمه الله إلى أن بينهما عموما وخصوصا , يعني أن أحدهما أعم من جهة وأخص من جهة , والآخر أعم من جهة وأخص من جهة , فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية , وهو أخص من الشكر من حيث الأداة التي يقع بها لأن الحمد لا يكون إلا بالقول لكن مع مواطئة القلب.

وأما الشكر فهو أعم من الحمد من جهة الأداة التي يقع بها لأن الشكر يكون باللسان وبالقلب وبالجوارح , وأخص من الحمد لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية فقط.

- قال ابن عطية رحمه الله: الحمد أعم من الشكر , لأن الشكر إنما يكون على فعل جميل يسدى إلى الشاكر وشكره نوع من الحمد , والحمد المجرد هو ثناء بصفات المحمود من غير أن يسدي شيئا.

- والخلاصة: أن الحمد أخص من الشكر موردا , وأعم منه متعلقا , فمورد الحمد اللسان فقط ومتعلقه النعمة وغير النعمة , ومورد الشكر اللسان والقلب والجوارح , ومتعلق الشكر هو النعمة فقط.

· الله عزوجل حميد , وإذا تأملت هذا الاسم الكريم , وتأملت صياغته وبناؤه وتركيبه , فإنه من فعيل بمعنى مفعول , وفعيلا تأتي بمعنى مفعول وبمعنى فاعل , فالحميد يمكن أن يراد به من حيث هو بغض النظر عن تسمية الله عزوجه به يمكن أن يراد به الحامد ويمكن أن يراد به المحمود , هذا من حيث بناء الاسم , وأكثر ما يأتي هذا الوزن الفعيل في أسماء الله تعالى بمعنى فاعل كالسميع ليس بمعنى المسموع وإنما بمعنى السامع وكالبصير بمعنى المبصر وكالعليم بمعنى العالم وكالقدير بمعنى القادر وكذلك الحليم والحكيم والعلي وما إلى ذلك , وقد يأتي الفعيل بالنسبة لأسماء الله عزوجل بمعنى المفعول , وعلى كل حال قد يأتي من أسماء الله عزوجل ما هو على زنة مفعول أيضا ويراد به الفاعل , مثل الغفور بمعنى الغافر , والشكور بمعنى الشاكر , والصبور بمعنى الصابر.

أما الحمد فلم يأتي إلا بمعنى المحمود , هذا بالنسبة لتسمية الله عزوجل به , ولا شك أن هذا البناء الحميد أبلغ من المحمود , ولا شك أن العدول من المحمود إلى الحميد مع أنه بمعنى المحمود لا شك أن هذا العدول يزيد في معناه من جهة المدح وقوة المعنى بلا ريب , وذلك أن هذا البناء الفعيل الحميد الذي هو بمعنى محمود لما عدل به هذا العدول صار يعطي معنى زائدا بحيث يكون هذا الوصف الذي تضمنه هذا الاسم كأنه صار سجية ملازمة لهذا المسمى وكأنه صار شيئا غريزيا وخلقا لازما لهذا المسمى كما تقول فلان ظريف أو شريف أو كريم وهكذا , فهذه الأبنية كلها يقال لها أبنية الغرائز والسجايا اللازمة.

· معنى الحميد بالنسبة لله عزوجل: هو الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودا وإن لم يحمده غيره , فهو حميد في نفسه , والمحمود من تعلق به حمد الحامدين , وهكذا المجيد والممجد والكبير والمكبر والعظيم والمعظم كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله.

· قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا أحصي ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك) وذلك لأن أوصاف الكمال والجلال والعظمة التي اتصف الله عزوجل بها لا يحيط بها إلا الله سبحانه تعالى.

قال ابن القيم رحمه الله:

وهو الحميد فكل حمد واقع ** أو كان مفروضا مدى الأزمان

ملأ الوجود جميعه ونظيره ** من غير ما عد ولا حسبان

هو أهله سبحانه وبحمده ** كل المحامد وصف ذي الإحسان

· عبارات العلماء في معنى هذا الاسم الكريم متقاربة تدور حول معنى واحد أو متقارب فالحميد عندهم: هو المحمود عند خلقه بما أولاهم من نعمه , وبسط لهم من فضله , وهو الذي استوجب عليهم الحمد بصنائعه الحميدة إليهم , وآلائه الجميلة لديهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير