- ومن آثار هذه القدرة العجيبة , أنك ترى الأرض هامدة ميتة لا نبات فيها ولا حياة , فإذا أنزل الله عزوجل عليها الماء كما أخبر , فإنها تحيى وتربوا , ثم بعد ذلك تظهر زينتها وتكتسي حلتها بألوان النباتات , والزهور تخرج الأشجار ذوت الثمار من ذوات الطعوم المتفاوتة والألوان المختلفة , مع أن ذلك يسقى جميعا بماء واحد , فكيف تفاوتت هذه المخرجات؟ , وإذا كان الإنسان يضع البذور المختلفة , فكيف تفاوتت هذه النباتات التي تخرج في البرية من غير وضع الإنسان , ومن غير عمله كما لا يخفى! , هذا التفاوت يدل على قدرة رهيبة عجيبة , يقلب الله عزوجل فيها الخلق كما يشاء وكما يريد.
- ومن آثار هذه القدرة العجيبة ما أوقعه بالظالمين المجرمين , الذين كذبوا الرسل عليهم الصلاة والسلام , وحاربوا أولياءه وناصبوهم العداوة , فهم مع ما هم فيه من التمكين والقوى والملكات مع ذلك فإن الله عزوجل دمرهم تدميرا , فصاروا خبرا بعد عين , فلم تغني عنهم قوتهم ولا صناعاتهم ولا إمكانياتهم ولا احتياطاتهم الأمنية , ولا غير ذلك مما يسعون فيه لحفظ بقائهم ووجودهم ومكتسباتهم , فقوم دمرهم بالكلية لم يبق منهم شيء , وقوم أبقى الله عزوجل منهم بقايا , وقوم أبقاهم الله تبارك وتعالى وأخذ طرفا منهم , ليروا خلقهم أن الخلق مهما تعاظمت قوتهم , ومهما امتدت إمكاناتهم , ومهما تطاولوا , ومهما أوهموا البشر أنهم يسيطرون ويقدرون أعلمهم الله عزوجل أن يده فوق أيديهم , وأنه تبارك وتعالى آخذ بنواصيهم , وأنهم لا يخرجون عن قدرته وعن إرادته شيئا , فإذا جاء أمر الله عزوجل فلا تنفع الاحتياطات ولا تنفع الإمكانات ولا تنفع القوى ولا تنفع البارجات ولا تنفع الطائرات ولا تنفع القواعد العسكرية , ولا ينفع شيء من هذه الأشياء , إذا جاء أمر الله عزوجل فلا راد له , والله عزوجل يلفت أنظارنا إلى هذا المعنى بقوله: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً).
- ومن آثار هذه القدرة التي نشاهدها , أن الله ينصر أولياءه وإن كانوا قلة , وعلى أعدائه وإن كانوا كثرة ممكنين في الأرض , كما قال الله عزوجل: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ).
- ومن آثار هذه القدرة ما يحدثه الله عزوجل لأهل الجنة من ألوان النعيم الذي يتقلبون فيه ولا انقطاع له ولا زوال.
- ومن آثارها ما يوجده الله عزوجل للمكذبين من ألوان النكال والجحيم في الآخرة , والعذاب في النار الذي لا ينقطع ولا يزول بحال من الأحوال.
- ومن آثار قدرة الله عزوجل , في سورة سبح اسم ربك الأعلى حيث قال الله عزوجل: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى).
- وكذلك في قوله في سورة الغاشية: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)
- ومن ذلك ما قاله في سورة الأنعام: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ذَلِكُمْ اللَّهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ
¥