إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
- ومن ذلك أيضا ما ذكره في هذه السورة العظيمة: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ وَمِنْ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنْ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ وَمِنْ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمْ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
- ومن هذه القدرة الباهرة العجيبة أنه تبارك وتعالى يحي الأموات بعد أن صاروا ترابا كما قال الله عزوجل: (أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) , والآيات الدالة على هذا المعنى في كتاب الله عزوجل كثيرة , وقد قص الله عزوجل علينا خبر ذلك الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قد بلت واندفنت وانمحت آثارها ومات أهلها فقال: (أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) , فطعامه وشرابه لم يتغير مع طول هذه المدة , أما بدنه فقد صار ترابا , وكذلك حماره , فأراه الله عزوجل كيف يكون هذه الأشياء وكيف أعادها مرة ثانية إلى حالها الأول , فلما رأى ذلك قال: (أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) , بل إن الله عزوجل قد ذكر لهذا الإنسان الذي لربما يكذب بالبعث أو يتشكك به قال: (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) , فالبنان آية من آيات الله عزوجل , وقد جعله الله عزوجل مشدودا بالأظفار , وجعله في هذا الإحكام الذي نراه ونشاهده , فهو من أدق الأشياء التي في بدن الإنسان , فيستطيع الإنسان أن يأخذ به الأشياء الدقيقة , وأن يصنع الصناعات الدقيقة بهذا البنان , ثم إن الله عزوجل قد جعل في رؤوس هذه الأصابع قد جعل فيها خطوط دقيقة , يتميز فيها كل إنسان عن الآخر , فلا يشتبه في ذلك بصمتان البتة , وقد أحسن من قال:
وأعجب شيء بهن الخطوط ** فما اتحدت في الورى بصمتان
وطبقة إبهامنا ختمنا ** يميزنا ما توالى الزمان
أناملنا من بديع الفنون ** يقصر عن وصفهن البيان
ومما ذكره الله عزوجل لنا في قدرة على إحياء الموتى , ما قصه عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حينما قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى) فقال الله عزوجل له: (الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) , فإبراهيم عليه السلام كان كامل الإيمان , ولكنه أراد أن يرتقي من مرتبة علم اليقين إلى مرتبة عين اليقين , فيشاهد إحياء الموتى بعينه , فقال له الله: (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
¥