تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن قيل (اعتراض): جاءت نصوص في التنزيل فيها تفضيل الخالق على المخلوق وهذا خلاف ما تقولونه قال الله تعالى في سورة يوسف مخبراً عن نبيه يوسف لما قال لصاحبه في السجن (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) فهذا فيه عقد مفاضلة بين أوثان وبين الله، وقال تعالى (آلله ([1] ( http://www.muslm.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=28#_ftn1)) خير أما تشركون).

وهكذا قول السحرة في سورة طه (والله خير وأبقى)، ففي هذه الآيات عقد مفاضلة فكيف تقولون لا تجوز المفاضلة بين الخالق والمخلوق؟

والجواب: تفضيل الخالق على المخلوق ابتداءً يعتبر نقصاً لكن إذا كان الكلام خرج لمجادلة الخصم الذي يزعم أنه لآلهته شأن ومنزلة فلا حرج به حينئذ فنبي الله يوسف يريد أن يبين لهم زيف آلهتهم المتنوعة فلم يخرج الكلام منه قضية مبتدأة أنما هو جدال مع مشركين يرون لآلهتهم شأناً، أي أنتم تقولون أن للآلهة شأناً فلو سلمنا لكم بذلك فأي الشأنين أعظم شأن آلهتكم أم شأن الله؟ فسيقولون كلهم شأن الله، فتكون نتيجة النقاش اطرحوا آلهتكم ما دمتم تسلمون بأن الله شأنه أعظم.

وهكذا (والله خير وأبقى) منك يا فرعون يا من تدعي أنك رب وأنك ملك مصر فالله خير منك وما عنده لا ينفذ وما عندك نافذ ونظير هذا قول الله تعالى في سورة النور (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون) أي خير لكم من الدخول بغير استئذان وخير لكم من تحية الجاهلية.

نقول: هل للدخول بغير استئذان والتحية بتحية أهل الجاهلية خيرية؟

لا، ولا خيرية لها، لكن لأنهم كانوا يرون في دخولهم بغير استئذان عزة والوقوف على الباب ذلة لهم، فكأن الله يخيرهم أنه لو كان في فعلكم خير فهناك خير منه وهو الاستئذان فافعلوه لأنه هو أخيرهما، وإن كان لم يثبت لفعلهم خيرية لكن هذا على سبيل المجادلة.

ونظير هذا النوع من الجدال والخصام مجادلة إبراهيم عليه السلام للنمرود حين حاجه بعد أن ادعى أنه يحيي ويميت فحاجه بأمر آخر وكأنه من باب التسليم له وتنزلاً له فحاجه بقضية أخرى تسكته وهي أن يطلع الشمس من مغربها.

ولهذا إذا تجادلت مع مكابر فدع ما فيه نزاع وانتقل إلى ما لا نزاع فيه.

الوجه الثاني: إخبار الله جل وعلا في كتابه بصعود العمل الصالح إليه ورفع بعض المخلوقات إليه، ومن المعلوم أن الصعود والرفع يكون من أسفل إلى أعلى.

قال الله جل وعلا في كتابه (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال جل وعلا في حق عيسى عليه السلام (بل رفعه الله إليه) وقال جل وعلا (يا عيسى إني متوفيك ([2] ( http://www.muslm.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=28#_ftn2)) ورافعك إليّ) وهذا الرفع وهذا الصعود معلوم ضرورة في اللغة أنه من، أنزل إلى أعلى ومن أسفل إلى أعلى، والدلالة واضحة.

الوجه الثالث: تصريح الله في كتابه بأنه عليّ، قال تعالى في آية الكرسي: (وهو العلي العظيم)، وهكذا قوله تعالى: (إن الله كان علياً كبيراً) وهناك آيات كثيرة تصف الله بالعلو وتسميته بأنه عليّ وهذا يفيد علو الذات وعلو الصفات وعلو المنزلة والقدر، ويقال فيه ما يقال في الفوقية، فهو فوقهم وهو عليّ عليهم , إذا ثبتت الفوقية والعلو فكيف تقولون يا مبتدعة لا يجوز أن نقول إنه فوقنا وأعلى منا؟!.

الوجه الرابع: تصريح الله جل وعلا في كتابه بتنزيل أشياء من عنده، قال جل وعلا: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم)، (تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم)، (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) إلى غير ذلك من الآيات، والنزول ضد الصعود فهو هبوط من أعلى إلى أسفل، فالقرآن نزل من الرحمن أي هبط من أعلى إلينا، لذلك قال أئمتنا:

لفظ الإنزال للقرآن يدل على فوقية ذي الجلال والإكرام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير