تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعرش الرحمن فوق المخلوقات كلها، ولا يوجد فوقه شيء مخلوق لا يوجد إلا الخالق جل وعلا، فالمخلوقات كلها تحت العرش ولذلك يُقال "العالم من عرشه إلى فرشه مخلوق" أو من علوه إلى سفله وهو الأرض السابعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [والله فوق العرش يعلم ما أنتم عليه]، والعرش هو أكبر المخلوقات تحمله ثمانية من الملائكة، كما أخبرنا الله عن ذلك في كتابه (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) وهؤلاء الثمانية يتجاوبون بصوت رقيق رخيم فأربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك ويجيبهم الأربعة الآخرون سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، هذا هو تسبيح حملة العرش، وهذا ثبت بإسناد صحيح عن حسان بن عطية وله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى هذا: الله سبحانه وتعالى يعلم ما نعمل، ولولا حلمه لما ترك على الأرض من دابة، وهو قدير على عقوبتنا فلولا عفوه لأهلكنا، وثبت في تفسير ابن جرير أن الله خلق حملة العرش قالوا ربنا لم خلقتنا؟، قال: لتحملوا عرشي، قالوا: ومن يقوى عليه وعليه جلالك ووقارك وأنت رب العالمين؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالوا هذه الكلمة وبها أطاقوا حمل العرش، وقد قال أئمتنا هذه الكلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) لها تأثير عجيب وخاصية مجربة بأن من قالها ذلل الله له الصعاب وفرج عنه الكروب وأعانه على الشدائد ومعنى هذه الكلمة لا تحول من حالٍ إلى حال من معصية إلى طاعة ومن ضعف إلى قوة ومن فقر إلى غنىً ... ولا تحصل قوة إلا بالله جل وعلا.

وأما الكرسي:

فهو دون العرش أي أنزل منه وأصغر، والعرش أكبر المخلوقات وأولها وهو موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى,

وقد ثبت تفسير الكرسي بذلك في مستدرك الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين وكتاب التوحيد لابن خزيمة والأسماء والصفات للبيهقي وتفسير ابن جرير، والأثر رواه الإمام الخطيب في تاريخ بغداد والطبراني في معجمه الكبير بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال: [الكرسي موضع القدمين والعرش لا يعلم قدره إلا الله].

قال الله في وصف الكرسي (وسع كرسيه السموات والأرض) فهذا الكرسي يسع السموات والأرض وهو أعظم منها.

والكرسي ذكر في موضعين فقط في القرآن:

1) آية الكرسي من سورة البقرة (وسع كرسيه السموات والأرض).

2) في سورة ص (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب)، فالكرسي الأول له جل وعلا، والثاني في سورة ص والكرسي واحد الكراسي وهو معروف كما قال علماء اللغة.

وهذا التفسير – الأول – الذي نقل عن ابن عباس، ثبت أيضاً عن أبي موسى الأشعري في تفسير ابن جرير والأسماء والصفات للبيهقي، وفي تفسير ابن المنذر بإسناد صحيح قاله الحافظ في الفتح (8/ 199) وثبت في تاريخ بغداد عن أبي ذر مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أثبت وله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه مما لا يدرك بالرأي.

وهذا هو المعتمد عند أهل الحق أن الكرسي هو موضع قدمي الرب، وهناك أربعة أقوال باطلة في تفسير الكرسي احذروها وكونوا على علم بها:

أولها: - وهو أرذلها – نُقل عن الزمخشري المعتزلي، وهو من شر ما قاله في صفات الله – يقول "الكرسي: تخييل حسي " أي لا يوجد هناك كرسي لا صغير ولا كبير، لكن الله أراد أن يظهر لنا عظمته ويقرب لنا شأنه فذكر هذا الأمر لذلك يعني المراد من الآية: لو كان له كرسي لوسع السموات والأرض، لكنه لا يوجد، ومعنى قول الزمخشري (حسي) أي أتى بتعبير محسوس ليقرب المراد.

وهذا التفسير الذي ابتدعه الزمخشري هنا في الكرسي عول عليه في كثير من آيات الصفات في الكشاف فانظر مثلاً تفسير قول الله تعالى في سورة الزمر (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن الله يقبض الأرضين بشماله ويطوي السموات بيمينه، ويقول أنا الملك أين ملكوم الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير