قال ابن سعد في الطبقات (3/ 31): (بويع لعلي بن أبي طالب رحمه الله بالمدينة الغد من يوم قتل عثمان بالخلافة بايعه طلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمار بن ياسر وأسامة بن زيد وسهل بن حنيف وأبو أيوب الأنصاري ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وخزيمة بن ثابت وجميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وغيرهم)
وقال أبو الحسن الأشعري: (وتثبت إمامة علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بعد عثمان رضي الله عنه لعقد من عقدها له من الصحابة رضي الله عنهم من أهل الحل والعقد ولأنه لم يدعها أحد من أهل الشورى غيره في وقته وقد اجتمع على فضله وعدله) الإبانة (ص 251)
وقال ابن تيمية: (واتفق أصحاب رسول الله على بيعة عثمان بعد عمر رضي الله عنهما وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم تصير ملكا وقال صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء الراشدين المهديين
وقد اتفق عامة أهل السنة من العلماء والعباد والأمراء والأجناد على أن يقولوا أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم) مجموع الفتاوى (3/ 406) " الوصية الكبرى "
ونقل الإجماع أحمد كما في فضائل الصحابة (2/ 573) وأبو منصور البغدادي في كتاب أصول الدين (ص 286) والغزالي في الاقتصاد في الاعتقاد (ص 154)
وأما مسألة التفضيل فأجمعوا على تفضيل أبي بكر ثم عمر ثم اختلفوا:
1 - فقيل عثمان ثم نسكت وهو المشهور عن أحمد.
2 - وقيل عثمان ثم علي رضي الله عنهما ونقل عن أحمد أنه لا يرى بأسا ً بهذا، ولا يلزم من عدم تربيع أحمد به أنه يفضل أحداً من الصحابة عليه لكنه يقف عند حديث ابن عمر رضي الله عنهما: " كنا نخير بين الناس في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم وهو في البخاري.
3 - وقيل علي ثم عثمان رضي الله عنهما وهو قول أهل الكوفة سفيان الثوري وغيره ورجع سفيان عن قوله آخراً، واستنكر هذا القول أحمد وقال هو قول سوء وقال هذا إزراء بالمهاجرين والأنصار وفي بعض الروايات قال هو أهل أن يبدع واختلفت الرواية عنه في تبديعه
4 - وقيل لا يفضل أحدهما على الآخر بل يتوقف وهو مذهب بعض اهل المدينة ورواية عن أحمد.
قال ابن تيمية _ رحمه الله _: (أما تفضيل أبي بكر ثم عمر علي عثمان وعلي فهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في العلم والدين من الصحابة والتابعين وتابعيهم وهو مذهب مالك وأهل المدينة والليث بن سعد وأهل مصر والأوزاعي وأهل الشام وسفيان الثوري وأبي حنيفة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهم من أهل العراق وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحق وأبي عبيد وغير هؤلاء أئمة الإسلام الذين لهم لسان صدق في الأمة.
وحكى مالك إجماع أهل المدينة على ذلك فقال: ما أدركت أحدا ممن اقتدي به يشك في تقديم أبي بكر وعمر وهذا مستفيض عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
وفي صحيح البخاري عن محمد بن الحنفية أنه قال لأبيه علي بن أبي طالب: با أبت من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: يا بني أو ما تعرف؟ قلت: لا قال: أبو بكر قلت: ثم من؟ قال عمر.
ويروي هذا عن علي بن أبي طالب من نحو ثمانين وجها وأنه كان يقول على منبر الكوفة بل قال: لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري فمن فضله على أبي بكر وعمر جلد بمقتضى قوله رضي الله عنه ثمانين سوطا.
وكان سفيان يقول من فضل عليا على أبي بكر فقد أزرى بالمهاجرين وما أرى أنه يصعد له إلى الله عمل وهو مقيم على ذلك.
وفي الترمذي وغيره روى هذا التفضيل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال:" يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين "
¥