وأخير ا هاهو جورج بوش الابن الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية .. لا يكتفي في مناصرته لإسرائيل بما استولت عليه فعلا من أرض المسلمين في فلسطين وإنما هو يفتح من أجلها جبهات القتال على المسلمين في كل مكان.
وعلى هذه القاعدة الصليبية تكتل الشعب ورجال السياسة في أمريكا والغرب ضد الإسلام والمسلمين والمسجد الأقصى بالذات، متأثرين بأفكارهم الدينية تجاه مناصرة اليهود ومعاداة المسلمين، خلافا لما يظنه البعض منا أن هؤلاء قد تخلصوا من دينهم وما عادوا يقيمون لغير مصالحهم المادية وزنا، يقول الدكتور ادوارد سعيد بمجلة " الكتب: وجهات نظر " عدد إبريل 2003 - ص 20 (والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تبدي بشكل علني تمسكها بأهداب الدين، فحياة الأمة مشبعة بالإحالات على الله من قطع النقد إلى المباني العامة إلى الشهادات اللغوية من مثل " بالله نؤمن " " إلى بلاد الله " " بارك الله أمريكا " إلخ، والقاعدة التي يقوم عليها حكم بوش مؤلفة من حوالي 60 إلى 70 مليون رجل وامرأة، يؤمنون مثله بأنهم التقوا يسوع المسيح وأنهم وجدوا على الأرض من أجل إتمام عمل الله في بلاد الله. …
إننا بإزاء ديانة نورانية نبوية ذات قناعة راسخة برسالتها الرؤيوية التي لا علاقة لها ألبتة بواقع الأمور وتعقيداتها .. )
فأين يجد طلاب الود وعشاق التسامح وعارضو الخد الأيسر مكانا لهم بين هذه الأنقاض لإجراء الحوار؟:
ويقول الدكتور ديفيد بلانكس أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بمجلة " الكتب: وجهات نظر " عدد إبريل 2003 - ص 20: (قد يكون مستغربا بالنسبة لبعض غير الغربيين أن يكتشفوا أن الأمريكيين عموما شديدو التدين، فالأمريكيون الذين يؤمنون بالله أكثر بكثير من نظرائهم الأوربيين والإسرائيليين، وهم أكثر انتظاما في حضورهم الصلوات في أماكن العبادة،، وتبين دراسة أجريت أخيرا بعنوان " مسح التعرف على الهوية الدينية الأمريكية عام 2001 أن الأمريكيين اقل علمانية مما يفترضه كثير من غير الأمريكيين، وقد تبين من الاستطلاع أن 75 % وصفوا موقفهم بأنه ديني أو ديني إلى حد ما)
ويقول: (لماذا يؤيد الإنجيليون إسرائيل؟ هذا ليس نتيجة للإعلام أو الضغط اللوبي اليهودي أو أي عامل خارجي آخر، ومع أن قيادتهم تتحدث بلغة الأمن فإن معظم المؤمنين يؤيدون إسرائيل لأسباب دينية، أي تلك الأسباب التي وردت في سفر الرؤيا، آخر أسفار العهد الجديد الذي يتنبأ بهرمجدون، ….إنه على من يشعرون أنه يمكن أن يكسبوا الدعم للقضية الفلسطينية عن طريق الشكوى من اللوبي اليهودي أن يعيدوا النظر في موقفهم فليس من الممكن كسب اليمين المسيحي)
ويجب علينا نحن من جهتنا أن نتذكر أن ما هم فيه من تدين أشبه بمذهب المرجئة عند بعض الفرق الإسلامية: في الأخذ بمقولة أنه " لا يضر مع الإيمان معصية، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة "، والمخلص عندهم دائما مستعد لمحو الخطايا أولا بأول، ما توسط لذلك كاهن أو قسيس في صلاة أو اعتراف
أما نظرية المصلحة التي تحكم السياسة والسياسيين فلا غبار عليها إذا وسعنا مفهوم المصلحة، بالنظر إليها وفق عقيدة صاحبها، فهي التي تنشئ هذه المصلحة وتلونها وتحددها وتوجهها على المدى البعيد.
فأين يجد طلاب الود عشاق التسامح وعارضو الخد الأيسر مكانا لهم بين هذه الأنقاض لإجراء الحوار؟
ولم يقتصر الأمر على الأصولية المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية
حتى الملحدين في الغرب الأوربي منهم تأثروا على المستوى الثقافي بهذه العصبية الدينية، لقد سار الفيلسوف الفرنسي الملحد جان بول سارتر في مظاهرات باريس قبل حرب 1967 تحت لافتات كتب عليها " قاتلوا المسلمين " فالتهب الحماس الصليبي الغربي وتبرع الفرنسيون آنذاك بألف مليون فرنك خلال أربعة أيام فقط. وفي هذا تأكيد لما ذكره ت ج إس إليوت في كتابه " ملاحظات نحو تعريف الثقافة " من أن المسيحية لم تغادر مكانها في أوربا وإنما تحولت عند الملحد العلماني إلى ثقافة يدافع عنها كما يدافع عن وجود حضارته نفسها.
¥