تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد تحولت هذه الثقافة المسيحية في الوقت نفسه إلى عنصرية تغلغلت في دماء الرجل الأبيض: إنها كما يقول الأستاذ جلال كشك: (حملة إبادة للوجود الإسلامي في يوغوسلافيا تحقيقا للنقاء العنصري بالقتل والحرق والطرد الجماعي، لكي يستولوا على الأرض بدون سكان، كما فعل الكاثوليك في أسبانيا والبرتغال قبل خمسمائة سنة، ثم في كريت وصقلية وقبرص وجنوب أوربا، وكما فعل الصرب والأوربيون في البلقان قبل مائة عام، وكما فعلت وتفعل إسرائيل،وكما فعلت بلغاريا في مسلميها عدة سنوات، وكما يفعل الأرمن في قرة باغ حيث يطبقون النموذح الإسرائيلي ويستدعون المهاجرين الأرمن من أمريكا لإسكانهم في بيوت المسلمين، بعد أن تم إخلاء مائتي قرية مسلمة بالإبادة والطرد) نقلا عن كتاب (إنهم يذبحون المسلمين) للأستاذ محمد جلال كشك، نشر مكتبة التراث الإسلامي ط 1992 ص 54 (

وإذا كان لابد من التذكير بابتلاء المسلمين حول المسجد الأقصى في المعركة الصليبية الحالية فعلينا أن نذكر على سبيل المثال ما نشرته صحيفة " هامير " المحلية في تل أبيب عن مجازر عام 1948 التي كانت الأكثر قذارة في كل المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد فلسطين، وصرحت الصحيفة بأن كل معركة انتهت بمجزرة، وكان ثمن احتلال كل قرية عربية تنفيذ أعمال قتل واغتصاب وجرائم حرب، وفي هذا يقول أرييه يتسحاقي الذي كان يعمل في أرشيف الجيش الإسرائيلي، ثم صار يعمل محاضرا في جامعة " بارايلان ": إنه قرأ جميع الوثائق الموجودة في الجيش الإسرائيلي وجمع كل الوثائق المتعلقة بالمذابح، ويؤكد أنه في كل قرية احتلتها إسرائيل تقريبا تم تنفيذ أعمال تعتبر جرائم حرب من القتل والاغتصاب والذبح، ويقول: إنه على يقين من أن الأمور ستطفو على السطح في النهاية، ويتساءل: كيف سنعيش معها جريدة الأهرام 25\ 5\1992 ص 5

واليوم ومنذ بدأت الانتفاضة الثانية للفلسطينيين وهي التي بدأت واقعا لحظة تعرض المسجد الأقصى للاعتداء عليه بزيارة شارون وهو النجس، فقد بدأت حرب الإبادة الحقيقية للشعب الفلسطيني بضربه وهو الأعزل حتى من مناصرة العرب والمسلمين ضربه وهو المسلح بالحجارة والسكين وقنابل مولوتوف: ضربه بطيارات الأباتشي والدبابات والصواريخ، واعتقال الآلاف، و اغتيال الأفراد المتهمين بالمقاومة أو نية المقاومة أو التفكير في المقاومة، وقتل النساء والأطفال تحت أنقاض البيوت التي تقصف بالصواريخ، وتدمير شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وتدمير بيوت المتهمين بالمقاومة، والبيوت التي جاورت بيوتهم، ومزارعهم، والمزارع التي جاورت مزارعهم، وغلق المدارس والجامعات، والمتاجر، وضرب المظاهرات السلمية بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع، ومنع التجول لمدد تتجاوز الأيام إلى الشهور وتحويل المدن والقرى إلى سجون، كل ذلك يحدث تحت حماية الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن وصمت العالم وصمت المسلمين وصمت العرب، ولا تسمع صوتا غير صوت عشاق التسامح وطلاب المودة، و" خطاب " الحوار.

إنها عملية إبادة فشلت من قبل في الحروب الصليبية، ولكنها نجحت نجاحا مطلقا في الأندلس، ثم نجحت نجاحا كاملا في أوربا، وهاهي تحرز نجاحات مرحلية ابتداء من سقوط الدولة العثمانية بيد الاستعمار ومؤامرات أحلاس العرب: في تركيا، وفلسطين، والعراق، والشرق الأوسط، ميدان المعركة الأخيرة من وجهة النظر الأصولية الصهيونية المسيحية، في هرمجدون، أو من وجهة النظر الحضارية التاريخية في تصفية حساب يقوم بها وارثو الدولة الرومانية التي أخرجها الإسلام من المنطقة. وأينما جال المرء بنظره فسوف يجد مسلمين يتعرضون للضرب في كل مكان

فهل هي صدفة أن المسلمين يتعرضون للضرب في كل بقعة من بقاع الأرض؟ في الوقت نفسه؟ إن الأعذار التي يقدمها الذين يضربون المسلمين هي نفسها الأعذار والمبررات التي تقدمها إسرائيل لضرب الفلسطينيين والعكس صحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير