تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و تعلق الدكتورة بنت الشاطئ – رحمها الله – على ما يجري للمسلمين على يد خصومهم الدينيين في الغرب، فترجعها إلى أصولها باعتبارها تيارات ثقافية نتحمل نحن المسلمين تبعة القصور والتقصير فيها فتقول: (ما بعد هذه الجولة المتحضرة (!!) المسعورة متروك لنا نحن بغفلتنا عن الموقع الفكري الإسلامي الذي يعيث فيه دعاة تنوير، موكلون بمهمة طمس معالم وجودنا الإسلامي بتشويه قيمه ومبادئه، .. وأجهزة إعلام تتبارى في التحذير من الأصولية، وتسقط بذلك وعي الشباب بزيف نسبة الإرهاب إلى دين يحظر الإكراه في الدين .. ومنابر صحفية وواجهات صوت وضوء مباحة لأدعياء العصرية أعداء الأصالة والأصولية، يلوثون مناخنا الفكري الإسلامي بمقولاتهم الخاسرة، ويبشرون فينا بتنوير عصري يحررنا من خدر " الأفيون "، ويستهزئون بالتدين والمتدينين، ويسخرون من قيم إسلامية يرونها من حفريات زمان غبر) جريدة الاتحاد 4\ 6\1992

يقول الدكتور محمد مورو في جريدة العرب الصادرة بلندن: (إن المسلمين سوف يتعرضون لعدوان غربي أمريكي صهيوني سواء واجهناهم، أو استسلمنا لهم، أو حتى قبلنا العتبات والأقدام، ومن الأفضل أن ندفع الثمن واثقين وواعين مع الاحتفاظ بكرامتنا بدلا من أن ندفعه - أيضا - راكعين مهدوري الكرامة غائبي الوعي).

ولم يذهب الدكتور مورو بعيدا فلقد كان الثمن فادحا وسوف يكون، بدءا من الضربات التي وجهها الغرب في العصر الحديث لكل من محمد علي، والشريف حسين، وسعد زغلول، وفاروق، وجمال عبد الناصر، وأنور السادات، وصدام حسين، ولقد أبدى هؤلاء جميعا في فترة من نفوذهم رغبة صادقة في التعاون مع الغرب، بل أبدى بعضهم استعداده الكامل لكي يكون شرطيا لهم في المنطقة له، أو ليضمن مصالحهم ضمانا كاملا، فلم يعد منهم بغير خفي حنين وضربة فوق الرأس ودمار في أحشاء القلب وخرابا للديار. وما ذلك إلا لأن الفكر السياسي لهؤلاء جميعا كان يتنكر تماما لتفسير عداء الغرب لنا تفسيرا دينيا، حتى جاء الطيار الأمريكي مندوب كلينتون ليكتب " هذه هدية رمضان " على صاروخ قذفهم به في دورة من حروبهم ضد العراق، وهو شديد الصراخ علهم يسمعون.

ومن هنا فإننا نقول: كيف يستقيم في عقل أو دين أو وجدان أن تقوم دعوة للسلام تتجاهل هذه الخطط التي تقعقع فيها طبول الحرب الدينية وتصطرخ فيها دعوات إبادة المسلمين، في أقوي الدول المعاصرة التي أخذت في يدها مصير العالم لمحض ما بيدها من قوة؟

وإذا كان البعض يرى أن للسياسيين فينا أن يختاروا ما يرون من السياسات بحكم أنهم الجهة الأعلم بضرورات المرحلة، وما تقتضيه من حركة أو تكتيك، أو عقد معاهدة أو إلغاء معاهدة .. فإنه بنفس القدر من هذا الاعتراف يجب أن نعترف بأن المثقفين والدعاة ليس موكولا إليهم اتخاذ شيء من هذه المواقف السياسية المتلونة بحسب الظروف، وإنما هم الموكول إليهم تعريف الناس بالمواقف الثابتة التي تحرك تلك المواقف السياسية على مدى التاريخ.

وهنا فإن المرء ليعجب للمثقفين والدعاة: كيف أقاموا جدارا من الصمت حول هذه الأصولية المسيحية الصهيونية الأمريكية بينما هم يغرقوننا يوميا حول فقه السلام والتسامح واللاعنف والتعارف والحوار وأدق النظريات المستوردة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفلسفة والشعر والقصة والمسرح والفنون التشكيلية حتى صرنا نعرف عن نجوم المفتين والدعاة وفنون المذاهب الطبيعية والانطباعية والسيريالية والتكعيبية والبنيوية والعبثية والحداثية .. أكثر مما نعرف عن عدو يطرق أبوابنا ليطلب منا الرحيل في معركة هرمجدون؟

هانحن في بدايات القرن الحادي والعشرين نصحو من نعاس طويل على ضجيج الامبراطورية الأمريكية وقد تحولت إلى ثكنة صليبية.

إنها حرب دينية منذ الفتح الإسلامي والحرب الصليبية إلى الأندلس إلى اليوم

يجردوننا من المرجعية الدينية لكي تكون خالصة لهم

فأين يجد طلاب الود عشاق التسامح والتفاوض والحوار و" الخد الأيسر " …. مكانا لهم بين هذه الأنقاض؟

إنه لاملجأ من الله إلا إليه

لاملجأ بغير الرجوع إلى عقد الإسلام الأساسي؛ عقد المبايعة مع الله: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ": عقد فريضة الجهاد

وفي المرحلة الراهنة: هو الجهاد المدني الذي دعا إليه الأستاذ فهمي هويدي في مقالته المنشورة بجريدة الشعب بتاريخ 17\ 2\2006:

أما خطة الحل لاستراتيجي فنراها – كما قلنا في مقال سابق - في خطوات يتم إنجازها على المدى الطويل:

تغيير جذري فينا باسترداد عناصر القوة التي تساقطت من أيدينا وتسللت من قلوبنا واغتصبت من عقولنا: منهجا وتربية وثروة وتجردا واعتقادا، وجهادا، ودفاعا واستردادا للأرض والثقافة والهوية، وهذا حلم صعب ولكنه موعود.

و .. تغيير جذري في الغرب:

في قلاع الكنيسة بالكلمة السواء التي أشار إليها القرآن.

وفي قلاع المؤسسة الاستشراقية بالتزام المنهج العلمي التزاما حقيقيا.

وفي قلاع المؤسسة الإعلامية بتصحيح ولائها،

وفي قلعة الرجل الأبيض بالتجرد من العنصرية

وهذا أقرب ما يكون إلى حلم إبليس في الجنة

إنها المعركة الدينية التي وجه القرآن أنظارنا إليها في قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهودُ وَلا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ} 120 البقرة.

وسر انهزاماتنا في هذه المعركة أننا لا نصدق القرآن فيما قال.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير