تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا يسألونها من الأموات وغيرهم إذا زاروهم ..

- شفاعة الملائكة و الأنبياء ليست واجبة النفاذ على الله تعالى

لقوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} (البقرة 255) , وقال تعالى {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} (النجم 26) وقال تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} (سبأ 23) وقال تعالى {يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} (طه 109).

وفي الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من الله تعالى أن يأذن له في الاستغفار لأمه فلم يأذن له.

- المستشفعون بالموتى لابد أن يعتقدوا أنهم قد أعطوا من كمال السمع، والإحاطة بالغيب ما لم يكن لهم، وما لم يكن إلا لله وحده، ولابد أن يعتقدوا فيهم أيضا أنهم يعلمون الغيوب، ويحيطون علماً بالقريب والبعيد .. ولهذا يدعو النبي والولي في الوقت الواحد منهم الداعون الكثيرون المختلفون لغات، ولهجات، وحاجات، ثم لا يشكون أن ذلك النبي، أو الولي يسمع دعاءهم، واستشفاعهم. فإذا كان الاستشفاع بالموتى يلزمه إعطاؤهم هذه الصفات التي لا يمكن أن تعدو رب العالمين، أو إعطاء بعضها فلا ريب في بطلان هذا الاستشفاع، وفساد عقائد القائلين به.

- أن الأنبياء والأولياء والشهداء وكل الشافعين لا يشفعون إلا بإذن الله لهم في الشفاعة للمشفوع له {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (الأنبياء 28) وقد ذكرنا في نقطة سابقة أن الله لم يأذن للرسول صلّى الله عليه وسلم بالاستغفار لأمه، وفي يوم القيامة لا يأذن الله للرسول صلى الله عليه وسلم بالشفاعة لأناس من أمته فيحال بينه وبينهم ويقال له إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم.

- وأيضاً فإن الشفاعة أعطيها غير النبي صلى الله عليه وسلم فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط - الأطفال - يشفعون، أتقول إن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم، فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكر الله في كتابه، وإن قلت: لا، بطل قولك: أعطاه الله الشفاعة، وأنا أطلبه مما أعطاه.

- لهذا كله لم يدع الرسول صلى عليه وسلم أمته لطلب الشفاعة منه في الدنيا، ولا نقل ذلك عنه أحد من أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان خيراً، لبلَّغه لأمته، ودعاهم إليه، ولسارع إلى تطبيقه أصحابه الحريصون على الخير، فعُلم أن طلب الشفاعة منه الآن منكر عظيم، فالمشروع أن نقول اللهم شفّع فينا نبيك مثلاً، ولا نقول: يا رسول الله اشفع لنا، فذلك لم يرد به كتاب، ولا سنّة ولا عمل سلف، ولا صدر ممن يوثق به من المسلمين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك الأنبياء والصالحون وإن كانوا أحياء في قبورهم وإن قدر أنهم يدعون للأحياء وإن وردت به آثار فليس لأحد أن يطلب منهم ذلك، ولم يفعل ذلك أحد من السلف لأن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم وعبادتهم من دون الله تعالى بخلاف الطلب من أحدهم في حياته، فإنه لا يفضي إلى الشرك، ولأن ما تفعله الملائكة ويفعله الأنبياء والصالحون بعد الموت هو بالأمر الكوني، فلا يؤثر فيه سؤال السائلين، بخلاف سؤال أحدهم في حياته، فإنه يشرع إجابة السائل، وبعد الموت انقطع التكليف عنهم.) اه

- لا يصح قياس الآخرة على الدنيا ومع ذلك لم يرد أن أحداً من أهل الموقف سيطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يشفع له في مغفرة ذنبه – فالذي ثبت فقط طلبهم من الرسل الشفاعة إلى الله تعالى في فصل القضاء.

ومن خلال ما سبق يتضح لكل منصف أن الشفاعة المثبتة هي الشفاعة المتعلقة بإذن الله ورضاه،لأن الشفاعة كلها ملك له. و يدخل في ذلك ما أذن الله به من طلب الشفاعة في أمور الدنيا من المخلوق الحي القادر على ذلك، و ينتبه هنا إلى أن هذا النوع إنما جاز لأن الله أذن به، وذلك لأنه ليس فيه تعلقٌ قلبيٌ بالمخلوق وإنما غاية الأمر أنه سبب كسائر الأسباب التي أذن الشرع باستخدامها. وأن الشفاعة المنفية هي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، لأن غير الله لا يملك الشفاعة و لا يستطيعها حتى يأذن الله له بها، ويرضى. فمن طلبها من غيره فقد تعدى على مقام الله، وظلم نفسه، وعرضها للحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، نسأل الله العافية والسلامة، ونسأله أن يُشفِّع فينا نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم .. آمين

ومما ينبغي أن يحرص عليه المسلم، تعاطي الأسباب الموجبة لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأعظم تلك الأسباب توحيد الله سبحانه حقاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه) رواه البخاري، ومن الأسباب الموجبة لشفاعته صلى الله عليه وسلم، الدعاء له بالمقام المحمود، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة) رواه البخاري، ومن أسباب شفاعته صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه عشراً في الصباح وعشراً في المساء، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة) رواه الطبراني وحسنه الشيخ لألباني. فجدير بنا أن نلتزم هذه الأوراد عسى أن تدركنا شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

والله تعالى أعلم

المراجع:

- تفسير الإمام الطبري

- تفسير ابن كثير

-كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب

- دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف

-نواقض الإيمان القولية والعملية للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف

- موقع الشبكة الإسلامية على الانترنت

- موقع الإسلام سؤال وجواب للشيخ محمد بن صالح المنجد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير