تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال القاضي أبو يعلى: (ولا سبيل للشيطان إلى تخبيط الإنسيكما كان له سبيل إلى سلوكه ووسوسته، وما تراه من الصرع والتخبط والاضطراب ليس منفعل الشيطان لاستحالة فعل الفاعل في غير محل قدرته، وإنما ذلك من فعل الله تعالىبجري العادة، ولا يكون المجنون مضطراً إلى ذلك 0وقد يتوصل من الشيطان وسواس،والوسواس يحتمل أن يفعل كلاماً خفياً يدركه القلب، ويمكن أن يكون هو الذي يقع عندالفكر، ويكون منه مس وسلوك ودخول في أجزاء الإنسان ويتخطفه، خلافاً لبعضالمتكلمين في إنكارهم سلوك الشيطان في أجسام الإنس، وزعموا أنه لا يجوز وجود روحينفي جسد، والدلالة عليه قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَإِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) (سورةالبقرة – الآية 275)، وقال تعالى: (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ) (سورة الناس – الآية 5)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري منابن آدم مجرى الدم) (متفق عليه)، ولأنه لا يمتنع أن يدخل الشيطان في أجسامناسواء كانت رقيقة أو كثيفة كالطعام والشراب) (المعتمد في أصول الدين – ص 173، 174) 0

* قال الجُبَّائي: (الناس يقولون: المصروع إنما حدثت به تلك الحالةلأن الشيطان يمسه ويصرعه، وهذا باطل، لأن الشيطان ضعيف لا يقدر على صرع الناسوقتلهم، والشيطان يمس الإنسان بوسوسته المؤذية التي يحدث عندها الصرع، وهو كقولأيوب عليه السلام: (أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) (سورة ص – الآية 41، 42) وإنما يحدث الصرع عند تلك الوسوسة، لأن الله تعالى خلقه من ضعفالطباع، وغلبة السوداء عليه بحيث يخاف عند الوسوسة، فلا يجترئ، فيصرع عند تلكالوسوسة، كما يصرع الجبان من الموضع الخالي 0 ولهذا المعنى لا يوجد هذا الخبط فيالفضلاء الكاملين، وأهل الحزم والعقل، وإنما يوجد فيمن به نقص في المزاج وخلل فيالدماغ) (تفسير الفخر الرازي – باختصار – 7/ 95، 96) 0

* قال الشيخمصطفى المراغي في تفسير آية " كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ": (إن هذاالنص القرآني جاء موافقاً لما يعتقده العرب، وإن كان من " زعماتهم " فكانوا يقولون: رجل ممسوس: أي مسه الجن، ورجل مجنون: إذا ضربته الجن) (تفسير المراغي – 3/ 63، 64) 0

* قال الألوسي: (وقد أنكر القَفَّالُ من الشافعية أيضاً أنكون الصرع والجنون من الشيطان، لأنه لا يقدر على ذلك) (روح المعاني – 3/ 49) 0

* قال الزمخشري: (وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبطالإنسان فيصرع 0 والمس والجنون 0 ورجل ممسوس وهذا أيضاً من زعماتهم 0 وأن الجنييمسه فيختلط عقله 0 وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن) (تفسير الكشاف – 1/ 165) 0

وتبعه البيضاوي في قوله وهو: (أي التخبط والمس، وأرد على ما يزعمونالخ 00) (تفسير البيضاوي - 1/ 173) 0وتبعهما أبو السعود في هذا القول (تفسير المنار – 3/ 195) 0قال القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي: (وربما قيل: إن قوله: (الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَايَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) (سورة البقرة – 275) كيف يصح ذلك وعندكم أن الشيطان لا يقدر على مثل ذلك؟ 0 وجوابنا أن مس الشيطان: إنما هو بالوسوسة كما قال تعالى في قصة أيوب: (مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍوَعَذَابٍ) (سورة ص - 42، 43) كما يقال فيمن تفكر في شيء يغمه قد مسه التعب،وبين ذلك قوله في صفة الشيطان: (وَمَا كَانَ لِى عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاأَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى) (سورة إبراهيم – جزء من الآية 22) ولوكان يقدر على أن يخبط لصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول، لا إلى منيعتريه الضعف، وإذا وسوس ضعف قلب من يخصه بالوسوسة، فتغلب عليه المرة، فيتخبطكما يتفق ذلك في كثير من الإنس إذا فعلوا ذلك بغيرهم) (تنزيه القرآن عن المطاعن – ص 54) 0وقد رد الناصر في " الانتصار " حيث قال: (معنى قول الكشاف منزعمات العرب أي كذباتهم وزخارفهم التي لا حقيقة لها 0 وهذا القول على الحقيقة منتخبط الشيطان بالقدرية من زعماتهم المردودة بقواطع الشرع - ثم ساق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير